كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 6)
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، بِهِ (1) .
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ قُرَّةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَة، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا قَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ النِّسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الأوَل، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} شَقّقن أكثَف مُرُوطِهِنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهِ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ، بِهِ (2) .
وَقَوْلُهُ: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ} يَعْنِي: أَزْوَاجَهُنَّ، {أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ} كُلُّ هَؤُلَاءِ مَحَارِمُ الْمَرْأَةِ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَظْهَرَ عَلَيْهِمْ بِزِينَتِهَا، وَلَكِنْ مِنْ غَيْرِ اقْتِصَادٍ وَتُبَهْرُجٍ (3) .
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا مُوسَى -يَعْنِي: ابْنَ هَارُونَ -حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ -يَعْنِي ابْنَ أَبِي شَيْبَةَ -حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ وعِكْرمَة فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} -حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا قَالَ: لَمْ يَذْكُرِ الْعَمَّ وَلَا الْخَالَ؛ لِأَنَّهُمَا ينعَتان (4) لِأَبْنَائِهِمَا، وَلَا تَضَعُ خِمَارَهَا عِنْدَ الْعَمِّ وَالْخَالِ فَأَمَّا الزَّوْجُ فَإِنَّمَا ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ أَجْلِهِ، فَتَتَصَنَّعُ لَهُ مَا لَا يَكُونُ بِحَضْرَةِ غَيْرِهِ.
وَقَوْلُهُ: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} يَعْنِي: تُظهر زِينَتَهَا أَيْضًا لِلنِّسَاءِ الْمُسَلِمَاتِ دُونَ نِسَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِئَلَّا تَصِفَهُنَّ لِرِجَالِهِنَّ، وَذَلِكَ -وَإِنْ كَانَ مَحْذُورًا فِي جَمِيعِ النِّسَاءِ -إِلَّا أَنَّهُ فِي نِسَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَشَدُّ، فَإِنَّهُنَّ لَا يَمْنَعُهُنَّ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ، وَأَمَّا الْمُسْلِمَةُ فَإِنَّهَا تَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ فَتَنْزَجِرُ عَنْهُ. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُبَاشِرُ المرأةَ المرأةَ، تَنْعَتُهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا". أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ (5) .
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْغَازِّ،، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كَتَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ نِسَاءً مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ يَدْخُلْنَ الْحَمَّامَاتِ مَعَ نِسَاءِ أَهْلِ الشِّرْكِ، فانْهَ مَنْ قِبَلَك فَلَا (6) يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِالْلَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عَوْرَتِهَا إِلَّا أَهْلُ مِلَّتِهَا (7) .
وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} قَالَ: نِسَاؤُهُنَّ الْمُسْلِمَاتُ، لَيْسَ الْمُشْرِكَاتُ مِنْ نِسَائِهِنَّ، وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ أَنْ تَنْكَشِفَ بَيْنَ يَدَيِ الْمُشْرِكَةِ.
وَرَوَى عَبد فِي تَفْسِيرِهِ (8) عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} ، قَالَ: هُنَّ الْمُسْلِمَاتُ لَا تُبْدِيهِ لِيَهُودِيَّةٍ وَلَا نَصْرَانِيَّةٍ، وَهُوَ النَّحْر والقُرْط والوٍشَاح، وَمَا لَا يَحِلُّ أَنْ يَرَاهُ إلا محرم.
__________
(1) سنن أبي داود برقم (4100، 4101) .
(2) تفسير الطبري (18/94) وسنن أبي داود برقم (4102) .
(3) في أ: "بهرج".
(4) في أ: "يتبعان".
(5) صحيح البخاري برقم (5241) .
(6) في ف، أ: "فإنه لا".
(7) ورواه البيهقي في السنن الكبرى (7/95) من طريق سعيد بن منصور، به.
(8) في ف: "تفسير".
الصفحة 47