كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 6)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ القَّطَّان، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُمَارة الْحَنَفِيِّ، عَنْ غُنَيْم بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ، وَالْمَرْأَةُ إِذَا اسْتَعْطَرَتْ فمرَّت بِالْمَجْلِسِ فَهِيَ كَذَا وَكَذَا" يَعْنِي زَانِيَةً (1) .
قَالَ: وَفِي الْبَابِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهَذَا حَسَنٌ صَحِيحٌ.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ ثَابِتِ بْنِ عُمَارَةَ، (2) بِهِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ عَاصِمِ بْنِ (3) عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُبَيْدٍ مَوْلَى أَبِي رُهْم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لقيتْه امْرَأَةٌ وَجَدَ مِنْهَا رِيحَ الطِيبِ، وَلِذَيْلِهَا إِعْصَارٌ فَقَالَ: يَا أَمَةَ الْجَبَّارِ، جِئْتِ مِنَ الْمَسْجِدِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ لَهَا: [وَلَهُ] (4) تَطَيَّبتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ حِبِّي أَبَا الْقَاسِمِ (5) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ امْرَأَةٍ تَطَيبت لِهَذَا الْمَسْجِدِ، حَتَّى تَرْجِعَ فَتَغْتَسِلَ غُسلها مِنَ الْجَنَابَةِ".
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أبي شيبة، عن سُفْيَانَ -هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ - (6) بِهِ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُبَيدة، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ سَعْدٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ: "الرَّافِلَةُ فِي الزِّينَةِ فِي غَيْرِ أَهْلِهَا، كَمَثَلِ ظُلْمَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا نُورَ لَهَا" (7) .
وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُنَّ يُنهَين عَنِ الْمَشْيِ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّبَرُّجِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ:
حَدَّثَنَا القَعْنَبِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ -يَعْنِي: ابْنَ مُحَمَّدٍ -عَنْ (8) أَبِي الْيَمَانِ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ حِمَاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْمَسْجِدِ -وَقَدِ اخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ -فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ: "اسْتَأْخِرْنَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْققْن (9) الطَّرِيقَ، عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ"، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تُلْصَقُ بِالْجِدَارِ، حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لِيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ، مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ (10) .
وَقَوْلُهُ: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} أَيْ: افْعَلُوا مَا آمُرُكُمْ بِهِ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ الْجَمِيلَةِ وَالْأَخْلَاقِ الْجَلِيلَةِ، وَاتْرُكُوا مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْأَخْلَاقِ وَالصِّفَاتِ الرَّذِيلَةِ، فَإِنَّ الفَلاح كُلَّ الفَلاح فِي فِعْلِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ، وَتَرْكِ مَا نَهَيَا (11) عَنْهُ، والله تعالى هو المستعان [وعليه التكلان] (12) .
__________
(1) سنن الترمذي برقم (2786) .
(2) سنن أبي داود برقم (4173) وسنن النسائي (8/153) .
(3) في ف: "عن".
(4) زيادة من ف، أ، وأبي داود.
(5) في ف: "رسول الله".
(6) سنن أبي داود برقم (4174) وسنن ابن ماجه برقم (4002) .
(7) سنن الترمذي برقم (1167) وقال الترمذي: "وهذا حديث لا نعرفه إلا من حديث موسى بن عبيدة، وموسى بن عبيدة يضعف في الحديث من قبل حفظه وهو صدوق، وقد رواه بعضهم عن موسى بن عبيدة ولم يرفعه".
(8) في ف: "ابن".
(9) في ف: "تحتضن"، وفي أ: "تختص".
(10) سنن أبي داود برقم (5272) .
(11) في أ: "ما نهاه".
(12) زيادة من ف، أ.
الصفحة 50