كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 6)

وَقَالَ أَيْضًا (1) : حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ -يَعْنِي ابْنَ الْفَضْلِ-عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْحَسَنِ (2) قَالَ: الْجِنُّ وَلَدُ إِبْلِيسَ، وَالْإِنْسُ وَلَدُ آدَمَ، وَمِنْ هَؤُلَاءِ مُؤْمِنُونَ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مُؤْمِنُونَ، وَهُمْ شُرَكَاؤُهُمْ فِي الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، ومَنْ كَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مُؤْمِنًا فَهُوَ وَلِيُّ اللَّهِ، ومَنْ كَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ كَافِرًا فَهُوَ شَيْطَانٌ.
وَقَوْلُهُ: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ} : أَمَّا الْمَحَارِيبُ فَهِيَ الْبِنَاءُ الْحَسَنُ، وَهُوَ أَشْرَفُ شَيْءٍ فِي الْمَسْكَنِ وَصَدْرُهُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمَحَارِيبُ بُنْيَانٌ دُونَ الْقُصُورِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هِيَ الْمَسَاجِدُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ الْمَسَاجِدُ وَالْقُصُورُ، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هِيَ الْمَسَاكِنُ. وَأَمَّا التَّمَاثِيلُ فَقَالَ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ، وَالضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ: التَّمَاثِيلُ: الصُّوَرُ. قَالَ مُجَاهِدٌ: وَكَانَتْ مِنْ نُحَاسٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ: مِنْ طِينٍ وَزُجَاجٍ.
وَقَوْلُهُ: {وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} الْجَوَابُ: جَمْعُ جَابِيَةٍ، وَهِيَ الْحَوْضُ الَّذِي يُجْبَى فِيهِ الْمَاءُ، كَمَا قَالَ الْأَعْشَى مَيْمُونُ بْنُ قَيْسٍ:
تَرُوحُ عَلَى آلِ المَحَلَّق جَفْنَةٌ ... كَجَابِيَة الشَّيخ العِراقي تَفْهَق (3) (4)
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {كَالْجَوَابِ} أَيْ: كَالْجَوْبَةِ مِنَ الْأَرْضِ.
وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنْهُ: كَالْحِيَاضِ. وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُمْ.
وَالْقُدُورُ الرَّاسِيَاتُ: أَيِ الثَّابِتَاتُ، فِي أَمَاكِنِهَا (5) لَا تَتَحَوَّلُ وَلَا تَتَحَرَّكُ عَنْ أَمَاكِنِهَا لِعِظَمِهَا. كَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وَالضَّحَّاكُ، وَغَيْرُهُمَا.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: أَثَافِيُّهَا مِنْهَا.
وَقَوْلُهُ: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا} أَيْ: وَقُلْنَا لَهُمُ اعْمَلُوا شُكْرًا عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالدِّينِ.
وَشُكْرًا: مَصْدَرٌ مِنْ غَيْرِ الْفِعْلِ، أَوْ أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الشُّكْرَ يَكُونُ بِالْفِعْلِ كَمَا يَكُونُ بِالْقَوْلِ وَبِالنِّيَّةِ، كَمَا قَالَ:
أفَادَتْكُمُ النّعْمَاء منِّي (6) ثَلاثةً: ... يدِي، ولَسَاني، وَالضَّمير المُحَجَّبَا ...
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبلي (7) : الصَّلَاةُ شُكْرٌ، وَالصِّيَامُ شُكْرٌ، وَكُلُّ خَيْرٍ تَعْمَلُهُ لِلَّهِ شُكْرٌ. وَأَفْضَلُ الشُّكْرِ الْحَمْدُ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَرَوَى هُوَ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظي قَالَ: الشُّكْرُ تَقْوَى اللَّهِ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ.
__________
(1) في ت: "وروى ابن أبي حاتم أيضا".
(2) في ت: "الحسين".
(3) في ت: "بقهق".
(4) البيت في تفسير الطبرى (22/49) .
(5) في ت، س، أ: "أماكنهم".
(6) في ت: "عندى".
(7) في هـ، ت، س، أ: "السلمى" والتصويت من الطبري 22/50، مستفادا من طبعة الشعب.

الصفحة 500