كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 6)
هَذَا أَثَرٌ غَرِيبٌ (1) ، وَفِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ، وَتَنْزِيلُ [هَذِهِ] (2) الْآيَةِ عَلَيْهِ وَفِي حَقِّهِ بِمَعْنَى أَنَّ الْكُفَّارَ كُلَّهُمْ يُتَوَفَّوْنَ وَأَرْوَاحُهُمْ مُتَعَلَّقَةٌ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا، كَمَا جَرَى لِهَذَا الْمَغْرُورِ الْمَفْتُونِ، ذَهَبَ يَطْلُبُ مُرَادَهُ فَجَاءَهُ الْمَوْتُ فَجْأَةً بَغْتَةً، وَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهِي.
وَقَوْلُهُ: {كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ} أَيْ: كَمَا جَرَى لِلْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ الْمُكَذِّبَةِ لِلرُّسُلِ، لَمَّا جَاءَهُمْ بِأْسُ اللَّهِ تَمَنَّوْا أَنْ لَوْ آمَنُوا فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُمْ، {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ. فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ} [غَافِرٍ: 84، 85] .
وَقَوْلُهُ: {إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ} أَيْ: كَانُوا فِي الدُّنْيَا فِي شَكٍّ وَرِيبَةٍ، فَلِهَذَا لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْهُمُ الْإِيمَانُ عِنْدَ مُعَايَنَةِ الْعَذَابِ.
قَالَ قَتَادَةُ: إِيَّاكُمْ وَالشَّكَّ وَالرِّيبَةَ. فَإِنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى شَكٍّ بُعِثَ عَلَيْهِ، وَمَنْ مَاتَ عَلَى يَقِينٍ بُعِثَ عَلَيْهِ.
آخَرُ تَفْسِيرِ سورة "سبأ" ولله الحمد والمنة.
__________
(1) الأثر ذكره السيوطي في الدر المنثور (6/716) وعزاه لابن أبي حاتم.
(2) زيادة من ت.
الصفحة 531