كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 6)

رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْهُ. هَذَا نَصَّهُ بِحُرُوفِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ (1) الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْك، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْفَضْلِ -مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ-عَنِ المَقْبُريّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مُعْتَرك الْمَنَايَا مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ".
وَبِهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَقَلُّ أُمَّتِي أَبْنَاءُ سَبْعِينَ". إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. (2)
حَدِيثٌ آخَرُ فِي مَعْنَى ذَلِكَ: قَالَ (3) الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ رِبْعِي عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْبِئْنَا بِأَعْمَارِ أُمَّتِكَ. قَالَ: "مَا بَيْنَ الْخَمْسِينَ إِلَى السِّتِّينَ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَبْنَاءُ السَّبْعِينَ؟ قَالَ: "قَلّ مَنْ يَبْلُغُهَا مِنْ أُمَّتِي، رَحِمَ اللَّهُ أَبْنَاءَ السَّبْعِينَ، وَرَحِمَ اللَّهُ أَبْنَاءَ الثَّمَانِينَ".
ثُمَّ قَالَ الْبَزَّارُ: لَا يُرْوَى بِهَذَا اللَّفْظِ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ لَيْسَ بِقَوِيٍّ. (4)
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سَنَةً. وَقِيلَ: سِتِّينَ. وَقِيلَ: خَمْسًا وَسِتِّينَ سَنَةً. وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: {وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} : رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وعِكْرِمَة، وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ، وَقَتَادَةَ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَة أَنَّهُمْ قَالُوا: يَعْنِي: الشَّيْبَ.
وَقَالَ السُّدِّيّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: يَعْنِي بِهِ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَرَأَ ابْنُ زَيْدٍ: {هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولَى} [النَّجْمِ: 56] . وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عَنْ قَتَادَةَ، فِيمَا رَوَاهُ شَيْبَانُ، عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: احْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِالْعُمُرِ وَالرُّسُلِ.
وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ؛ لقوله تعالى: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} [الزُّخْرُفِ: 77، 78] ، أَيْ: لَقَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْحَقَّ عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ، فَأَبَيْتُمْ وَخَالَفْتُمْ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا} [الْإِسْرَاءِ: 15] ، وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نزلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ} [الْمُلْكِ: 8، 9] .
وَقَوْلُهُ: {فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} أَيْ: فَذُوقُوا عذابَ النَّارِ جَزَاءً عَلَى مُخَالَفَتِكُمْ لِلْأَنْبِيَاءِ فِي مُدَّةِ أَعْمَارِكُمْ، فَمَا لَكَمَ الْيَوْمَ نَاصِرٌ يُنْقِذُكُمْ مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ من العذاب والنكال والأغلال.
__________
(1) في ت: "وروى".
(2) مسند أبي يعلى (11/422، 423) وفيه إبراهيم بن الفضل وهو متروك.
(3) في ت: "وروى".
(4) مسند البزار برقم (3586) "كشف الأستار" وقال الهيثمي في المجمع (10/206) : "وفيه عثمان بن مطر وهو ضعيف".

الصفحة 556