كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 7)

وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (27) قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ (28) قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (29) وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ (30) فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ (31) فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ (32) فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (33) إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (34) إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (36) بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (37) }
يَذْكُرُ تَعَالَى أَنَّ الْكُفَّارَ يَتَلَاوَمُونَ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ، كَمَا يَتَخَاصَمُونَ فِي دَرَكات النَّارِ، {فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ. قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ} [غَافِرٍ:47، 48] . وَقَالَ: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ. قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ. وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الأغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سبأ:31-33] . (1) قالوا لهم ههنا: {إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ} قَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَقُولُونَ: كُنْتُمْ تَقْهَرُونَنَا بِالْقُدْرَةِ مِنْكُمْ عَلَيْنَا، لِأَنَّا (2) كُنَّا أَذِلَّاءَ وَكُنْتُمْ أَعِزَّاءَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي: عَنِ الْحَقِّ، الْكُفَّارُ تَقُولُهُ (3) لِلشَّيَاطِينِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَتِ الْإِنْسُ لِلْجِنِّ: {إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ} قَالَ: مِنْ قِبَلِ الْخَيْرِ، فَتَنْهُونَا عَنْهُ وَتُبْطِئُونَا عَنْهُ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ تَأْتُونَنَا [عَنِ الْيَمِينِ] (4) مِنْ قِبَلِ الْحَقِّ، تُزَيِّنُونَ (5) لَنَا الْبَاطِلَ، وَتَصُدُّونَا عَنِ الْحَقِّ.
وَقَالَ الْحَسَنُ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ} إيْ وَاللَّهِ، يَأْتِيهِ عِنْدَ كُلِّ خَيْرٍ يُرِيدُهُ فَيَصُدُّهُ عَنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: مَعْنَاهُ تَحُولُونَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْخَيْرِ، وَرَدَدْتُمُونَا عَنِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ بِالْخَيْرِ الَّذِي أَمَرَنَا بِهِ.
وَقَالَ يَزِيدُ الرشْك: مِنْ قِبَلِ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ". وَقَالَ خُصيف: يَعْنُونَ مِنْ قِبَلِ مَيَامِنِهِمْ. وَقَالَ
__________
(1) في ت، س: "المجرمون".
(2) في أ: "لأننا".
(3) في ت: "بقوله".
(4) زيادة من أ.
(5) في أ: "وتزينوا".

الصفحة 10