كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 7)

عَنْ قَتَادَةَ، بِهِ (1) .
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ (2) بْنِ حُصين، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. (3) وَالْمُرَادُ بِالرُّومِ هَاهُنَا: هُمُ الرُّومُ الأوَل، وَهُمُ الْيُونَانُ الْمُنْتَسِبُونَ إِلَى رُومِيِّ بْنِ لَيْطِيِّ بْنِ يُونَانَ بْنِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. ثُمَّ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: وَلَدُ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثَلَاثَةٌ: سَامٌ وَحَامٌ وَيَافِثُ، وَوَلَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ثَلَاثَةً، فَوَلَدَ سامُ العربَ وفارسَ وَالرُّومَ، وَوَلَدَ يافثُ التُّرْكَ وَالصَّقَالِبَةَ وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَوَلَدَ حامُ القبطَ وَالسُّودَانَ وَالْبَرْبَرَ. وَرُوِيَ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ نَحْوُ هَذَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ} ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُذْكَرُ بِخَيْرٍ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي لِسَانَ صِدْقٍ لِلْأَنْبِيَاءِ كُلِّهِمْ.
وَقَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ: أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْهِ الثَّنَاءَ الْحَسَنَ فِي الْآخَرِينَ. قَالَ الضَّحَّاكُ: السَّلَامُ وَالثَّنَاءُ الْحَسَنُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ} مُفَسِّرٌ لِمَا أَبْقَى عَلَيْهِ مِنَ الذِّكْرِ الْجَمِيلِ وَالثَّنَاءِ الْحَسَنِ أَنَّهُ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الطَّوَائِفِ وَالْأُمَمِ.
{إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} أَيْ: هَكَذَا نَجْزِي مَنْ أَحْسَنَ مِنَ الْعِبَادِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، نَجْعَلُ (4) لَهُ لسانَ صدْق يُذَكَرُ بِهِ بَعْدَهُ بِحَسَبِ مَرْتَبَتِهِ فِي ذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} أَيِ الْمُصَدِّقِينَ الْمُوَحِّدِينَ الْمُوقِنِينَ، {ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ} أَيْ: أَهْلَكْنَاهُمْ، فَلَمْ تبْق (5) مِنْهُمْ عَيْنٌ تَطْرِفُ، وَلَا ذِكْرَ لَهُمْ وَلَا عَيْنَ وَلَا أَثَرَ، وَلَا يُعَرَفُونَ إِلَّا بِهَذِهِ الصِّفَةِ الْقَبِيحَةِ.
{وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإبْرَاهِيمَ (83) إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84) إِذْ قَالَ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ (85) أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (86) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (87) }
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عباس: {وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإبْرَاهِيمَ} يَقُولُ: مِنْ أَهْلِ دِينِهِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: عَلَى مِنْهَاجِهِ وَسُنَّتِهِ.
{إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
__________
(1) المسند (5/9) وسنن الترمذي برقم (3931) وقال الترمذي: "هذا حديث حسن".
(2) في س: "عمر".
(3) حديث عمران بن حصين: رواه الطبراني في المعجم الكبير (18/146) مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانِ بْنِ حُصَيْنٍ وسمرة بن جندب به.
(4) في ت، س: "يجعل".
(5) في ت، أ: "يبق".

الصفحة 23