كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 7)

ضَحُّوا بأشْمَطَ عُنوانُ السُّجُودِ بِهِ ... يُقَطَّع الليلَ تَسْبيحا وقُرآنا ...
وَقَالَ (1) الْإِمَامُ أَحْمَدُ: كَتَبَ إِلَيَّ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ (2) ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَرَأَ بِمِائَةِ آيَةٍ فِي لَيْلَةٍ كُتِبَ لَهُ قُنُوتُ لَيْلَةٍ".
وَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي "الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ" عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ وَالرَّبِيعِ بْنِ نَافِعٍ، كِلَاهُمَا عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ حُمَيْدٍ، بِهِ (3) .
وَقَوْلُهُ: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} أَيْ: هَلْ يَسْتَوِي هَذَا وَالَّذِي قَبْلَهُ مِمَّنْ جَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيَضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ؟! {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ} أَيْ: إِنَّمَا يَعْلَمُ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا مَنْ له لب وهو العقل.
{قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) }
__________
(1) في ت: "روى".
(2) في ت: "بإسناده".
(3) المسند (4/103) والنسائي في السنن الكبرى برقم (10553) .
{قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لأنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) } .
يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالِاسْتِمْرَارِ عَلَى طَاعَتِهِ وَتَقْوَاهُ {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ} أَيْ: لِمَنْ أَحَسَنَ الْعَمَلَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ فِي دُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ.
وَقَوْلُهُ: {وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ} قَالَ مُجَاهِدٌ: فَهَاجِرُوا فِيهَا، وَجَاهِدُوا، وَاعْتَزِلُوا الْأَوْثَانَ.
وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَطَاءٍ فِي قَوْلِهِ: {وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ} قَالَ: إِذَا دُعِيتُمْ إِلَى الْمَعْصِيَةِ فَاهْرُبُوا، ثُمَّ قَرَأَ: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النِّسَاءِ:97] .
وَقَوْلُهُ: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَيْسَ يُوزَنُ لَهُمْ وَلَا يُكَالُ (1) ، إِنَّمَا يُغْرَفُ لَهُمْ غَرْفًا.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: بَلَغَنِي أَنَّهُ لَا يَحْسِبُ عَلَيْهِمْ ثَوَابَ عَمَلِهِمْ قَطُّ، وَلَكِنَّ يُزَادُونَ (2) عَلَى ذَلِكَ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} يَعْنِي: فِي الْجَنَّةِ.
وَقَوْلُهُ: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} أَيْ: إِنَّمَا أُمِرْتُ بِإِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ،.
{وَأُمِرْتُ لأنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} قَالَ السُّدِّيُّ: يَعْنِي مِنْ أُمَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
__________
(1) في ت، أ: "يكال لهم".
(2) في ت: "يزدادون".

الصفحة 89