كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 8)

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ-يعني بن حَازِمٍ-قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا يَزِيدَ يُحَدِّثُ قَالَ: لَقِيَتِ امْرَأَةٌ عُمَرَ-يُقَالُ لَهَا: خَوْلَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ-وَهُوَ يَسِيرُ مَعَ النَّاسِ، فَاسْتَوْقَفَتْهُ فَوَقَفَ لَهَا وَدَنَا مِنْهَا وَأَصْغَى إِلَيْهَا رَأْسَهُ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْهَا حَتَّى قَضَتْ حَاجَتَهَا وَانْصَرَفَتْ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، حَبَسْتَ رِجَالَاتِ قُرَيْشٍ عَلَى هَذِهِ الْعَجُوزِ؟! قَالَ: وَيْحَكَ! وَتَدْرِي مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: هَذِهِ امْرَأَةٌ سَمِعَ اللَّهُ شَكْوَاهَا مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سموات، هَذِهِ خَوْلَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ، وَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَنْصَرِفْ عَنِّي إِلَى اللَّيْلِ مَا انْصَرَفْتُ عَنْهَا حَتَّى تَقْضِيَ حَاجَتَهَا إِلَى أَنْ تَحْضُرَ صَلَاةٌ فَأُصَلِّيَهَا، ثُمَّ أَرْجِعَ إِلَيْهَا حَتَّى تَقْضِيَ حَاجَتَهَا (1)
هَذَا مُنْقَطِعٌ بَيْنَ أَبِي يَزِيدَ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا: حَدَّثَنَا الْمُنْذِرُ بْنُ شَاذَانَ (2) حَدَّثَنَا يَعْلَى، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا عَنْ عَامِرٍ قَالَ: الْمَرْأَةُ الَّتِي جَادَلَتْ فِي زَوْجِهَا خَوْلَةُ بِنْتُ الصَّامِتِ، وَأُمُّهَا مُعَاذَةُ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهَا: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النُّورِ: 33]
صَوَابُهُ: خَوْلَةُ امْرَأَةُ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ.
{الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4) }
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سَعْدُ (3) بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَيَعْقُوبُ قَالَا حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مَعْمَر بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامِ، عَنْ خُوَيْلَةَ (4) بِنْتِ ثَعْلَبَةَ قَالَتْ: فيَّ-وَاللَّهِ-وَفِي أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ أَنْزَلَ اللَّهُ صَدْرَ سُورَةِ "الْمُجَادَلَةِ"، قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَهُ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ سَاءَ خُلُقُهُ، قَالَتْ: فَدَخَلَ عليَّ يَوْمًا فَرَاجَعْتُهُ بِشَيْءٍ فَغَضِبَ فَقَالَ: أَنْتِ عليَّ كَظَهْرِ أُمِّي. قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجَ فَجَلَسَ فِي نَادِي قَوْمِهِ سَاعَةً، ثُمَّ دَخَلَ عليَّ فَإِذَا هُوَ يُرِيدُنِي عَنْ نَفْسِي. قَالَتْ: قُلْتُ: كَلَّا وَالَّذِي نَفْسُ خُوَيْلَةَ (5) بِيَدِهِ، لَا تَخْلُصُ إليَّ وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ، حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِينَا بِحُكْمِهِ. قَالَتْ: فَوَاثَبَنِي وَامْتَنَعْتُ مِنْهُ، فَغَلَبْتُهُ بِمَا تَغْلِبُ بِهِ الْمَرْأَةُ الشَّيْخَ الضَّعِيفَ، فَأَلْقَيْتُهُ عَنِّي، قَالَتْ: ثُمَّ خرجتُ إِلَى بَعْضِ جَارَاتِي، فَاسْتَعَرْتُ مِنْهَا ثِيَابًا، ثُمَّ خرجتُ حَتَّى جِئْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَلَسَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَذَكَرْتُ لَهُ مَا لَقِيتُ مِنْهُ، وَجَعَلْتُ أَشْكُو إِلَيْهِ ما
__________
(1) ورواه الدرامي في الرد على الجهمية (ص 26) من طريق أبي يزيد، عن عمر بن الخطاب به. قال الذهبي في العلو (ص 113) : "هذا إسناد صالح فيه انقطاع، أبو يزيد لم يلحق عمر".
(2) في أ: "حدثنا الوليد بن المنذر به شاذان".
(3) في أ: "سعيد".
(4) في أ: "خولة".
(5) في أ: "خولة".

الصفحة 35