كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 8)

فَنُسَخَ وُجُوبُ ذَلِكَ عَنْهُمْ.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِهَذِهِ الْآيَةِ قَبْلَ نَسْخِهَا سِوَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: نُهُوا عَنْ مُنَاجَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَتَصَدَّقُوا، فَلَمْ يُنَاجِهِ إِلَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَدَّمَ دِينَارًا صَدَقَةً تَصَدَّقَ بِهِ، ثُمَّ نَاجَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ عَشْرِ خِصَالٍ، ثُمَّ أُنْزِلَتِ الرُّخْصَةُ.
وَقَالَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ عَلِيٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَعْمَلْ بِهَا أَحَدٌ قَبْلِي، وَلَا يَعْمَلُ بِهَا أَحَدٌ بَعْدِي، كَانَ عِنْدِي دِينَارٌ فَصَرَفْتُهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، فَكُنْتُ إِذَا نَاجَيْتُ (1) رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصَدَّقْتُ بِدِرْهَمٍ، فَنُسِخَتْ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهَا أَحَدٌ قَبْلِي، وَلَا يَعْمَلُ بِهَا أَحَدٌ بَعْدِي، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} الْآيَةَ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلْقَمَةَ الْأَنْمَارِيِّ، عَنْ عَلِيِّ [بْنِ أَبِي طَالِبٍ] (2) -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما ترى، دينار؟ ". قَالَ: لَا يُطِيقُونَ. قَالَ: "نِصْفُ دِينَارٍ؟ ". قَالَ: لَا يُطِيقُونَ. قَالَ: "مَا تَرَى؟ " قَالَ: شَعِيرة، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكَ زَهِيدٌ (3) قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: فَبِي خَفَّف اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَقَوْلُهُ: { [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا] (4) إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} فَنَزَلَتْ: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} (5)
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيع، عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلْقَمَةَ الْأَنْمَارِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [إِلَى آخِرِهَا] (6) قَالَ (7) لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما ترى، دينار؟ " قُلْتُ (8) لَا يُطِيقُونَهُ. وَذَكَرَهُ بِتَمَامِهِ، مِثْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ". ثُمَّ قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ: "شَعِيرَةٌ": يَعْنِي وَزْنَ شَعِيرَةٍ مِنْ ذَهَبٍ (9)
وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ، بِهِ (10)
وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} إِلَى {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُقَدِّمُونَ بَيْنَ يَدَيِ النجوى صدقة، فلما
__________
(1) في أ: "جئت".
(2) زيادة من أ.
(3) في م، أ: "إنك لزهيد.
(4) زيادة من م.
(5) تفسير الطبري (28/15) وعلي بن علقمة فيه ضعف. قال البخاري: في حديثه نظر.
(6) زيادة من م.
(7) في م: "فقال".
(8) في م: "قال".
(9) سنن الترمذي برقم (3300) .
(10) مسند أبي يعلى (1/322) .

الصفحة 50