كتاب تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين (اسم الجزء: 1)

قَالَ مُحَمَّد: ارْتَفع ((أُمِّيُّونَ)) بِالِابْتِدَاءِ، و ((مِنْهُم)) الْخَبَر. وَقد قِيلَ: الْمَعْنى اسْتَقر مِنْهُم أُمِّيُّونَ، وَمن كَلَامهم: فِيك أُميَّة: أَي: جَهَالَة؛ وَلذَلِك قِيلَ للَّذي لَا يكْتب: أُمِّي. [آيَة 79 - 80]
{فويل للَّذين يَكْتُبُونَ الْكتاب يأيديهم ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا} قَالَ الْكَلْبِيّ: هُم أَحْبَار الْيَهُود وعلماؤهم عَمدُوا إِلَى نعت النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَابهمْ، فزادوا فِيهِ، ونقصوا، ثمَّ أَخْرجُوهُ لسفلتهم فَقَالُوا: هَذَا نعت النَّبي الَّذِي يَبْعَثهُ اللَّه فِي آخر الزَّمَان لَيْسَ كنعت هَذَا الرجل، فَإِذا نظرت السفلة إِلَى مُحَمَّد صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسلم لم يرَوا فِيهِ النَّعْت الَّذِي فِي كِتَابهمْ الَّذِي كتبت أَحْبَارهم. وَكَانَت للأحبار مأكلة فَقَالَ اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ -: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثمنا قَلِيلا} يَعْنِي: تِلْكَ المأكلة {فَوَيْلٌ لَهُمْ} فِي الآخِرَةِ {مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ}
{وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَة} قَالَ قَتَادَة: قَالَتِ الْيَهُود: لن يدخلنا اللَّه النَّار إِلَّا عدد الْأَيَّام الَّتي عَبدنَا فِيهَا الْعجل؛ أَي: إِذا انْقَطَعت تِلْكَ الْأَيَّام، انْقَطع عَنَّا الْعَذَاب، قَالَ اللَّه - عز ذكره - للنَّبِي عَلَيْهِ السَّلام قل لَهُم: {أتخذتم عِنْد الله عهدا}.

الصفحة 154