كتاب تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين (اسم الجزء: 1)

[آيَة 102]
(ل 15) قَوْله تَعَالَى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِين} يَقُولُ: نبذوا كتاب اللَّه، وَاتبعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَان.
قَالَ مُحَمَّد: ((تتلوا))؛ أَي: تروي التِّلَاوَة وَالرِّوَايَة شَيْء وَاحِد.
قَوْله: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السحر} قَالَ الْكَلْبِيّ: لما ابتلى اللَّه - عز وَجل - سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلام بِمَا كَانَ من أَمر الشَّيَاطِين، كتبت الشَّيَاطِين سحرًا كثيرا، ودفنوه تَحت كرسيه، ثمَّ لما قبض اللَّه سُلَيْمَان أَتَت الشَّيَاطِين إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ من الْإِنْس، فَقَالُوا: أَلا ندلكم عَلَى مَا كَانَ سُلَيْمَان يملك بِهِ الْإِنْس، وَتَدين لَهُ بِهِ الْجِنّ، وتسخر لَهُ [بِهِ] الرِّيَاح؟ قَالُوا: بلَى. قَالُوا: احفروا تَحت كرسيه، فَفَعَلُوا وَاسْتَخْرَجُوا كتبا كَثِيرَة، فَلَمَّا قرءوها فَإِذا هِيَ الشّرك بِاللَّهِ؛ فَقَالَ صلحاء بني إِسْرَائِيل: معَاذ اللَّه من هَذَا أَن نتعلمه، وتعلمه سفلَة بني إِسْرَائِيل [وفشت الْكَلِمَة] لِسُلَيْمَان فِي بني إِسْرَائِيل حَتَّى عذره اللَّه على لِسَان مُحَمَّد صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْملكَيْنِ} يَقُول: اتبعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَان، وَاتبعُوا مَا أنزل على الْملكَيْنِ بِبَابِل هاروت وماروت.

الصفحة 164