كتاب تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين (اسم الجزء: 2)

{وخاب} أَيْ: خَسِرَ {كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} الْجَبَّارُ: الْمُتَكَبِّرُ، وَالْعَنِيدُ: الْمُجَانِبُ لِلْقَصْدِ.
{من وَرَائه جَهَنَّم} أَي: من بعد هَذَا الْعَذَابِ الَّذِي كَانَ فِي الدُّنْيَا {جَهَنَّم} أَيْ: عَذَابُ جَهَنَّمَ. وَقَدْ قِيلَ: {مِنْ وَرَائِهِ} أَيْ: مِنْ أَمَامِهِ.
{ويسقى من مَاء صديد} الصَّدِيدُ: مَا يَسِيلُ مِنْ جُلُودِ أَهْلِ النَّارِ مِنَ الْقَيْحِ وَالدَّمِ
{يتجرعه وَلَا يكَاد يسيغه} مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لَهُ، وَهُوَ يُسِيغُهُ لابُدَّ لَهُ مِنْهُ، فَتَتَقَطَّعَ أَمْعَاؤُهُ.
قَالَ محمدٌ معنى (يسيغه): يَبْتَلِعُهُ.
{وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَان} وَهِيَ النَّارُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ قَضَى عَلَيْهِمْ أَلا يَمُوتُوا؛ هَذَا تَفْسِيرُ الْحَسَنِ.
{وَمِنْ وَرَائِهِ عذابٌ غَلِيظٌ} كَقَوْلِهِ: {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلا عذَابا}.
{مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كرمادٍ اشتدت بِهِ الرِّيَاح فِي يَوْم عاصفٍ} يَعْنِي: مِمَّا عَمِلُوا مِنْ حَسَنٍ على سييءٍ فِي الآخِرَةِ، قَدْ جُوزُوا بِهِ فِي الدُّنْيَا
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ} أَيْ: يُصَيِّرُ الأَمْرَ إِلَى الْبَعْثِ وَالْحِسَابِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ {إِنْ يَشَأْ يذهبكم} يَسْتَأْصِلْكُمْ بِالْعَذَابِ {وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} أَي: آخَرين
{وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} أَي: لَا يشق عَلَيْهِ.
سُورَة إِبْرَاهِيم من الْآيَة (21) إِلَى الْآيَة (23).

الصفحة 365