كتاب تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين (اسم الجزء: 2)
{والجان} يَعْنِي: إِبْلِيسَ؛ فِي تَفْسِيرِ قَتَادَةَ {خلقناه مِنْ قَبْلُ} أَيْ: مِنْ قَبْلِ آدم {من نَار السمُوم} يَعْنِي: سَمُومَ جَهَنَّمَ.
قَالَ محمدٌ: وَالسَّمُومُ مِنْ صِفَاتِ جَهَنَّمَ وَهُوَ شِدَّةُ حَرِّهَا، وَالْجَانَّ مَنْصُوبٌ بِفْعِلِ مضمرٍ؛ الْمَعْنَى: وَخَلَقْنَا الْجَانَّ خَلَقْنَاهُ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلا إِبْلِيسَ أَبَى أَن يكون مَعَ الساجدين} تَفْسِيرُ ابْنِ عباسٍ: " لَوْ لَمْ يَكُنْ إِبْلِيسُ مِنَ الْمَلائِكَةِ لَمْ يُؤمر بِالسُّجُود ".
قَالَ الْحسن:
أَمر بِاللَّه بِالسُّجُودِ كَمَا أَمَرَ الْمَلائِكَةَ؛ فَأَبَى أَنْ يَسْجُدَ مَعَهُمْ، وَكَانَ خَلْقُ إِبْلِيسَ مِنْ نارٍ، وَخَلْقُ الْمَلائِكَةِ مِنْ نورٍ.
قَالَ محمدٌ: (إِلا إِبْلِيسَ) منصوبٌ بِاسْتِثْنَاءٍ لَيْسَ مِنَ الأَوَّلِ؛ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالمين} الْمَعْنَى: لَكِنَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَالَ: إِنَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمَلائِكَةِ.
وَقِيلَ: إِنَّ إِبْلِيسَ كَانَ اسْمُهُ: عَزَازِيلُ، وَإِنَّ اللَّهَ لَمَّا لَعَنَهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ أَبْلَسَ مِنْ رَحْمَتِهِ؛ أَيْ: يَئِسَ؛ فَسَمَّاهُ: إِبْلِيس.
سُورَة الْحجر من الْآيَة (32) إِلَى الْآيَة (44).
الصفحة 384