كتاب تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين (اسم الجزء: 2)

{وَله الدّين واصبا} أَيْ: دَائِمًا {أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ} تَعْبُدُونَ؛ يَقُولُ هَذَا لِلْمُشْرِكِينَ عَلَى الاسْتِفْهَامِ؛ أَيْ: قَدْ فَعَلْتُمْ، فَعَبَدْتُمُ الْأَوْثَان من دونه.
{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ} الْمَرَض والشدائد {فإليه تجأرون} تَصْرُخُونَ؛ أَيْ: تَدْعُونَهُ وَلا تَدْعُوا الْأَوْثَان.
{ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ ليكفروا بِمَا آتَيْنَاهُم فتمتعوا} فِي الدُّنْيَا {فَسَوف تعلمُونَ} هَذَا وعيدٌ.
{وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا} يَعْنِي: آلِهَتَهُمْ؛ أَيْ: يَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ خَلَقَ مَعَ اللَّهِ شَيْئًا، وَلا أَمَاتَ وَلا أَحْيَا وَلا رَزَقَ مَعَهُ شَيْئًا {نَصِيبا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} يَعْنِي: قَوْلَهُ: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لشركائنا} قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {تَاللَّهِ} قسمٌ يقسم بِنَفسِهِ {لتسئلن عَمَّا كُنْتُم تفترون}.
قَالَ محمدٌ: الْمَعْنَى: تُسْأَلُونَ عَنْ ذَلِكَ - سُؤَالَ تَوْبِيخٍ - حَتَّى تَعْتَرِفُوا بِهِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَتُلْزِمُوا أَنْفُسَكُمُ الْحجَّة.
سُورَة النَّحْل من الْآيَة (57) إِلَى الْآيَة (61).
{ويجعلون لله الْبَنَات} كَانَ مُشْرِكُو الْعَرَبِ يَقُولُونَ: إِنَّ الْمَلائِكَةَ بَنَاتُ

الصفحة 406