كتاب تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين (اسم الجزء: 3)
{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبهم الْوَسِيلَة} يَعْنِي: الْقُرْبَةَ، تَفْسِيرُ ابْنِ مَسْعُودٍ: قَالَ: نَزَلَتْ فِي نَفَرٍ مِنَ الْعَرَبِ كَانُوا يَعْبُدُونَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ، فَأَسْلَمَ الْجِنِّيُّونَ وَلَمْ يُعْلَمْ بِذَلِكَ النَّفَرُ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ الله: {أُولَئِكَ الَّذين يدعونَ} يَعْنِي: الْجِنِّيِّينَ الَّذِي يُعْبَدُونَ هَؤُلَاءِ {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أقرب} الْآيَةُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ) (أَيهمْ) رفع بِالِابْتِدَاءِ، وَالْخَبَر (أقرب) الْمَعْنَى: يَطْلُبُونَ الْوَسِيلَةَ إِلَى رَبِّهِمْ، وَيَنْظُرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ إِلَيْهِ؛ أَيْ: بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ أَقْرَبُ إِلَيْهِ يَتَوَسَّلُونَ بِهِ.
{وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلا نَحْنُ مهلكوها} (ل 186) يُخَوِّفُهُمْ بِالْعَذَابِ {كَانَ ذَلِكَ فِي الْكتاب مسطورا} أَي: مَكْتُوبًا.
{وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ} إِلَى قَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ سَأَلُوا الْآيَاتِ {إِلا أَنْ كذب بهَا الْأَولونَ} وَكُنَّا إِذَا أَرْسَلْنَا إِلَى قَوْمٍ بِآيَةٍ فَلَمْ يُؤْمِنُوا أَهْلَكْنَاهُمْ؛ فَلِذَلِكَ لَمْ نُرْسِلْ إِلَيْهِمْ بِالْآيَاتِ؛ لِأَنَّ آخِرَ كُفَّارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أُخِّرُوا إِلَى النَّفْخَةِ.
قَالَ قَتَادَةُ: " إِنَّ أهل مَكَّة قَالُوا للنَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: إِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا وَسَرَّكَ أَنْ نُؤْمِنَ؛ فَحَوِّلْ لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا! فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ كَانَ الَّذِي سَأَلَكَ قَوْمُكَ، وَلَكِنْ إِنْ هُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا لَمْ يُنْظَرُوا، وَإِنْ شِئْتَ اسْتَأَنَيْتَ بِقَوْمِكَ. قَالَ: لَا؛ بَلْ أَسْتَأَنِي بِقَوْمِي ".
الصفحة 27
417