كتاب تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين (اسم الجزء: 3)

قَالَ مُحَمَّد: قَالَ: (آتت) وَلَمْ يَقُلْ: (أَتَتَا)؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى كل وَاحِد مِنْهُمَا أَتَتْ أُكُلَهَا. {وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهرا} أَي: بَينهمَا
{وَكَانَ لَهُ ثَمَر} أَيْ: أَصْلٌ {فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يحاوره} أَيْ: يُرَاجِعُهُ الْكَلَامَ {أَنَا أَكْثَرُ مِنْك مَالا وأعز نَفرا} يَعْنِي: رِجَالًا وَنَاصِرًا.
قَالَ يَحْيَى: كَانَا أَخَوَيْنِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَرِثَا عَنْ أَبِيهِمَا مَالًا؛ فَاقْتَسَمَاهُ فَأَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعَةَ آلَافِ دِينَارٍ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ مُؤْمِنًا فَأَنْفَقَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَقَدَّمَهُ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ كَافِرًا اتَّخَذَ الْأَرَضِينَ وَالضِّيَاعَ وَالدُّورَ وَالرَّقِيقَ فَاحْتَاجَ الْمُؤْمِنُ وَلَمْ يَبْقَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ فَجَاءَ إِلَى أَخِيهِ يَزُورُهُ، وَيَتَعَرَّضْ لِمَعْرُوفِهِ، فَقَالَ أَخُوهُ: وَأَيْنَ مَا وَرِثْتَ؟ قَالَ: أَقْرَضته (ل 195) رَبِّي وَقَدَّمْتُهُ لِنَفْسِي؛ فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ: لَكِنِّي اتَّخَذْتُ بِهِ لِنَفْسِي ولولدي؛ مَا قد رَأَيْت.
قَالَ اللَّهُ: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِم لنَفسِهِ} يَعْنِي: بِشِرْكِهِ {قَالَ مَا أَظُنُّ} أَيْ: مَا أُوْقِنُ {أَنْ تَبِيدَ هَذِه أبدا} أَيْ: تَفْنَى، تَفْسِيرُ الْحَسَنِ: لَيْسَ يَعْنِي: أَنَّهَا لَا تَفْنَى فَتَذْهَبْ، وَلَكِنَّهُ يَعْنِي: أَنَّهُ يَعِيشُ فِيهَا حَتَّى يأكلها حَيَاته
{وَمَا أَظن} أَيْ: وَمَا أُوقِنُ أَنَّ {السَّاعَةَ قَائِمَة} يَجْحَدُ بِالْبَعْثِ {وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأجدن خيرا مِنْهَا} أَي: من جنتي {منقلبا} فِي الْآخِرَةِ إِنَّ كَانَتْ آخِرَةٌ. قَالَ: {وَدخل جنته} وَقَالَ: {جعلنَا لأَحَدهمَا جنتين} كَانَتْ جَنَّةً فِيهَا نَهْرٌ، فَهِي جنَّة وَهِي جنتان
{قَالَ لَهُ صَاحبه} الْمُؤْمِنِ {وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} إِلَى قَوْلُهُ:

الصفحة 62