كتاب تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين (اسم الجزء: 4)

{وأنابوا إِلَى الله} أَقبلُوا مُخلصين إِلَيْهِ {لَهُمُ الْبُشْرَى} يَعْنِي الْجنَّة {فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُون القَوْل فيتبعون أحْسنه} اي: بشرهم بِالْجنَّةِ ,
وَالْقَوْل كتاب اللَّه , واتِّباعهم لأحسنه أَن يعملوا بِمَا أَمرهم اللَّه بِهِ فِيهِ , وينتهوا عَمَّا نَهَاهُم الله عَنهُ فِيهِ.
{أَفَمَن حق عَلَيْهِ} أَي: سبقت عَلَيْهِ {كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} أَي: تهدي من وَجب عَلَيْهِ الْعَذَاب؛ اي: لَا تهديه
{لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّة}.
قَالَ محمدٌ: قِيلَ الْمَعْنى: لَهُم؛ منَازِل فِي الْجنَّة رفيعة وفوقها منَازِل أرفع مِنْهَا {وَعْدَ اللَّهِ} الَّذِي وعد الْمُؤمنِينَ , يَعْنِي الْجنَّة.
قَالَ محمدٌ: الْقِرَاءَة {وَعَدَ اللَّهَ} بِالنّصب بِمَعْنى وعدهم اللَّه وَعدا.
{فسلكه ينابيع فِي الأَرْض} والينابيع: الْعُيُون {ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا} كَقَوْلِه: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هشيما تَذْرُوهُ الرِّيَاح}.
قَالَ محمدٌ: قَوْله: {ثُمَّ يَهِيجُ} أَي: يجفُّ، يُقَال للنبت إِذا تمّ جفافه. قد هاج النبت يهيج , وهاجت الأَرْض إِذا ذَوَى مَا فِيهَا من الخُضَر والحطام: مَا تفتت وتكسَّر من النبت وَغَيره.

الصفحة 108