كتاب تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين (اسم الجزء: 4)

{وَجَعَلنَا بَينهم} أَي: وَكُنَّا جعلنَا بَينهم {وَبَيْنَ الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا} يَعْنِي: أَرض الشَّام {قُرًى ظَاهِرَةً} أَي: مُتَّصِلَة؛ ينظر بَعْضهَا إِلَى بعض {وقدرنا فِيهَا السّير} (ل 277) تَفْسِير الْكَلْبِيّ: يَعْنِي المقيل وَالْمَبِيت {سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنْينَ} كَانُوا يَسِيرُونَ مسيرَة أَرْبَعَة أشهر فِي أَمَان لَا يُحَرك بَعضهم بَعْضًا، وَلَو لَقِي الرجلُ قاتِلَ أَبِيه لم يحركه
{فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} قَالَ الْحَسَن: ملوا النِّعْمَة؛ كَمَا ملّت بَنو إِسْرَائِيل المنَّ والسَّلوى. قَالَ الله {وظلموا أنفسهم}. بشركهم {فجعلناهم أَحَادِيث}. لمَن بعدهمْ {وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} أَي: بدَّدْنا عظامهم وأوصالهم [فأكلهم] التُّرابُ.
قَالَ: محمدٌ وَقد قِيلَ فِي قَوْله: {وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} أَي: مزّقناهمْ فِي الْبِلَاد؛ لأَنهم لما أذهب الله جنتيهم وغرق مكانهم تبدّدُوا فِي الْبِلَاد؛ فَصَارَت الْعَرَب تتمثل بهم فِي الْفرْقَة فَتَقول: تفرّقوا أَيدي سبأ، وأيادي سبأ؛ إِذا أخذُوا فِي وجوهٍ مُخْتَلفَة.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَات لكل صبار} على أَمر الله {شكور} لنعمة الله وَهُوَ الْمُؤمن.
سُورَة سبأ الْآيَات من الْآيَة 20 حَتَّى الْآيَة 22.

الصفحة 13