كتاب تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين (اسم الجزء: 4)
فَأَتَاهُ ملكٌ من عِنْد اللَّه فَقَالَ: يَا دَاوُد، ارْفَعْ رَأسك , فقد غفر اللَّه لَك. فَعلم أنّ اللَّه قد غفر لَهُ، ثمَّ أَرَادَ أَن يعلم كَيفَ يغْفر لَهُ؛ فَقَالَ: أيْ رب، كَيفَ تغْفر لي وَقد قتلته - يَعْنِي: بالنيّة؟! فَقَالَ: أستوهبه نفسَهُ فيهبها لي فأغفرها لَك. فَقَالَ: أَي رب , قد علمت أَنَّك قد غفرت لي.
قَالَ اللَّه: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِن} {لَهُ عندنَا لزلفى} يَعْنِي: لقربةٌ فِي الْمنزلَة {وَحُسْنَ مَآبٍ} مرجع
{يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْض} إِلَى قَوْله: {فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله} يَعْنِي: فيستزلّك الْهوى عَن طَاعَة اللَّه فِي الحكم، وَذَلِكَ من غير كُفْرٍ {إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} أَي: تَرَكُوهُ وَلم يُؤمنُوا بِهِ. تَفْسِير الْآيَات من 27 وَحَتَّى 29 من سُورَة ص.
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَينهمَا بَاطِلا} أَي: مَا خلقناهما إِلَّا للبعث والحساب , وَالْجنَّة وَالنَّار، وَكَانَ الْمُشْركُونَ يَقُولُونَ: إِن اللَّه خلق هَذِه الْأَشْيَاء لغير بعثٍ. قَالَ: {ذَلِكَ ظن الَّذين كفرُوا} أَنهم لَا يبعثون وأنّ اللَّه خَالق هَذِه الْأَشْيَاء بَاطِلا
{أم نجْعَل الْمُتَّقِينَ كالفجار} كالمشركين فِي الْآخِرَة أَي: لَا نَفْعل.
{كتاب} أَي: هَذَا كتابٌ , يَعْنِي: الْقُرْآن {أَنزَلْنَاهُ إِلَيْك}.
{أُوْلُو الأَلْبَابِ} أَي: ذَوُو الْعُقُول وهم الْمُؤْمِنُونَ.
الصفحة 88