كتاب تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين (اسم الجزء: 5)

قَالَ مُحَمَّدٌ: الْحُوَّةُ: السَّوادُ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلشَّدِيدِ الْخُضْرَةِ: أَحْوَى، لِأَنَّهُ يُضْرَبُ إِلَى الْحُوَّةِ. وَالْغُثَاءِ فِي كَلامِ الْعَرَبِ: الَّذِي تَرَاهُ فَوْقَ مَاء السَّيْل، يُقَال مِنْهُ: غثى الْوَادي يغثي إِذا جمع غثاءه، وَوَاحِد الغثاء: غثاءة.
قَوْلُهُ: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى إِلا مَا شَاءَ الله} وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم] كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ يَجْعَلُ يَقْرَأُ وَيُدْئِبُ فِيهِ نَفْسَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَنْسَى، وَقَوْلُهُ: {إِلا مَا شَاءَ الله} هُوَ كَقَوْلِهِ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَة أَو ننسها} يُنْسِيهَا اللَّهُ نَبِيَّهُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: {فَلَا تنسى} الْمَعْنَى: فَأَنْتَ لَا تَنْسَى لَمْ يُرِدِ الْأَمْرَ.
قَوْلُهُ: {إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْر} الْعَلَانِيَة {وَمَا يخفى} السِّرّ
{ونيسرك لليسرى} لعمل الْجنَّة
{فَذكر} أَيْ: بِالْقُرْآنِ {إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} أَيْ: إِنَّمَا يَنْتَفِعُ بِالتَّذْكِرَةِ مَنْ يقبلهَا
{سَيذكرُ من يخْشَى} الله
{ويتجنبها} يتَجَنَّب التَّذْكِرَة {الأشقى} يَعْنِي: الْمُشرك
{الَّذِي يصلى النَّار الْكُبْرَى} وَهِيَ نَارُ جَهَنَّمَ، وَالصُّغْرَى: نَارُ الدُّنْيَا
{ثمَّ لَا يَمُوت فِيهَا} فيستريح {وَلَا يحيى} حَيَاةً تَنْفَعُهُ. {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تزكّى}
{وَذكر اسْم ربه فصلى} وَكَانَتِ الصَّلاةُ يَوْمَئِذٍ رَكْعَتَيْنِ غُدْوةً، وَرَكْعَتَيْنِ عَشِيَّة
{بل تؤثرون الْحَيَاة الدُّنْيَا} يَقُولُهُ لِلْمُشْرِكِينَ، أَيْ: يَزْعُمُونَ أَنَّ الدُّنْيَا بَاقِيَةٌ، وَأَنَّ الْآخِرَةَ لَا تكون
{وَالْآخِرَة خير} من الدُّنْيَا

الصفحة 121