كتاب تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين (اسم الجزء: 5)

بهَا
{وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ} بَارِدَة شَدِيدَة الْبرد.
{عَاتِيَة} عَتَتْ عَلَى خُزَّانها بِأَمْرِ رَبِّهَا كَانَتْ تَخْرُجُ بِقَدَرٍ فَعَتَتْ يومئذٍ عَلَى خُزَّانها، وَهِيَ رِيحُ الدَّبور
{سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّام حسوما} أَيْ: تِبَاعًا لَيْسَ فِيهَا تَفْتِيرٌ، وَكَانَ ذَلِك من يَوْم الْأَرْبَعَاء إِلَى الْأَرْبَعَاءِ الْآخَرِ، وَاللَّيَالِي سبعٌ مِنْ لَيْلَةِ الْخَمْيِسِ إِلَى لَيْلَةِ الْأَرْبَعَاءِ.
قَالَ محمدٌ: قَوْلُهُ: {حُسُومًا} يُقَالُ: هُوَ مِنْ حَسْمِ الدَّاءِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ يُتَابِعُ عَلَيْهِ بَالْكَيِّ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: تَحْسُمُهُمْ حُسُومًا؛ أَيْ: تُذْهِبهم وَتُفْنِيهِمْ؛ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
{فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صرعى} أَخْبَرَ عَنْهُمْ {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ} شَبَّهَهُمْ بِالنَّخْلِ الَّتِي قَدِ انْقَعَرَتْ فَوَقَعت، وَقَوله: {خاوية} يَعْنِي: بَالِيَةٌ أَخَذَتْ أَبْدَانَهُمْ مِنْ أَرْوَاحهم، كالنخل الخاوية.
وَقَوْلُهُ: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَة} يَعْنِي: مِن (ل 371) بَقِيَّةٍ؛ أَيْ: قَدْ أُهْلِكُوا، فَلا ترى مِنْهُم أحدا
{وَجَاء فِرْعَوْن وَمن قبله} مِمَّن كذب الرُّسُل {والمؤتفكات} وَهِيَ قُرَيَاتُ قَوْمِ لُوطٍ {بِالْخَاطِئَةِ} يَعْنِي: الشّرك
{فعصوا رَسُول رَبهم} عَصَى كُلُّ قَوْمٍ رَسُولَ رَبِّهِمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ {فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابية} شَدِيدَةً، فِي تَفْسِيرِ مُجَاهِدٍ.
قَالَ محمدٌ: (رابية) الْمَعْنَى: تَزِيدُ عَلَى الْأَخَذَاتِ؛ وَهُوَ معنى قَول مُجَاهِد.
{إِنَّا لما طَغى المَاء} عَلَى خُزَّانه بِأَمْرِ رَبِّهِ كَانَ يَخْرُجُ بِقَدَرٍ، فَطَغَى يَوْمَ غرَّق الله قوم نوح {حَمَلْنَاكُمْ} يَعْنِي: نُوحًا وَمَنْ مَعَهُ الَّذِينَ من ذرّيتهم {فِي الْجَارِيَة} يَعْنِي: السَّفِينَة
{لنجعلها لكم تذكرة} فَيَذْكُرُونَ أَنَّ جَمِيعَ مَنْ فِي الْأَرْضِ غَرِقَ غَيْرَ أَهْلِ السَّفينة {وَتَعيهَا أذن وَاعِيَة} حَافِظَةٌ؛ وَهِيَ أُذُنُ الْمُؤْمِنِ سَمِعَ التَّذْكِرَةَ فَوَعَاهَا بِقَلْبِهِ

الصفحة 27