كتاب تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين (اسم الجزء: 5)
فَيَتَقَدَّمُ؛ حَتَّى إِذَا دَنَا أُخْرِج لَهُ كِتَابٌ أَبْيَضُ بِخَطٍّ أَبْيَضَ فِي بَاطِنِهِ السَّيِّئَاتُ، وَفِي ظَاهِرِهِ الْحَسَنَاتُ، فَيَبْدَأُ بِالسَّيِّئَاتِ فَيَقْرَؤُهَا فيشْفق وَيَتَغَيَّرُ لَوْنُهُ، فَإِذَا بَلَغَ آخِرَ الْكِتَابِ وَجَدَ فِيهِ هَذِهِ سَيِّئَاتُكَ قَدْ غُفِرَتْ لَكَ فَيَفْرَحُ ثُمَّ يقلب كِتَابه، فَيقْرَأ حَسَنَاته قلا يَزْدَادُ إِلَّا فَرَحًا؛ حَتَّى إِذَا بَلَغَ آخِرَ الْكِتَابِ وَجَدَ فِيهِ هَذِهِ حَسَنَاتُكَ، وَقَدْ ضُوعفت لَكَ فَيَبْيَضُّ وَجْهُهُ، وَيُؤْتَى بِتَاجٍ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ، ويُكْسَى حُلتين، ويُحَلَّى كُلُّ مِفْصَلٌ مِنْهُ، ويُطوّل سِتِّينَ ذِرَاعًا، وَهِيَ قَامَةُ آدَمَ وَيُقَالُ: انْطَلِقْ إِلَى أَصْحَابِكَ فَبَشِّرْهُمْ وأخبرهُمْ أَنَّ لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ مِثْلَ هَذَا، فَإِذَا أَدْبَرَ قَالَ: {هَاؤُمُ} أَيْ: هَاكُمُ {اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ}
{إِنِّي ظَنَنْت} عَلِمْتُ {أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ}
قَالَ اللَّهُ: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضية} أَيْ: مَرْضِيَّةٌ قَدْ رَضِيهَا {فِي جنَّة عالية}
{قطوفها} ثمارها] وعناقيدها {دانية} أُدْنِيَتْ مِنْهُمْ فَيَقُولُ لِأَصْحَابِهِ]: هَلْ تَعْرِفُونَنِي؟ فَيَقُولُونَ قَدْ غَيَّرَتْكَ كَرَامَةُ اللَّهِ، مَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ:] أَنَا فُلانُ بْنُ فُلانٍ، أَبَشِّرُ كُلَّ رجل] مِنْكُم بِمثل هَذَا
{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ} قدمتم] فِي أَيَّام الدُّنْيَا،
و] إِذا كَانَ الرَّجُلُ فِي الشَّرِّ] رَأْسًا [يَدْعُو إِلَيْهِ (ل 372) وَيَأْمُرُ بِهِ فيكثُر عَلَيْهِ تبَعُه، نُودِيَ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ، فَيَتَقَدَّمُ إِلَى حِسَابِهِ، فَيَخْرُجُ لَهُ كتابٌ أَسْوَدٌ بِخَطٍّ أَسْوَدٍ فِي بَاطِنِهِ الْحَسَنَاتُ وَفِي ظَاهِرِهِ السَّيِّئَاتُ، فَيَبْدَأُ بِالْحَسَنَاتِ فَيَقْرَؤُهَا فَيَفْرَحُ وَيَظُنُّ أَنَّهُ سَيَنْجُو؛ فَإِذَا بَلَغَ آخِرَ الْكِتَابِ وَجَدَ فِيهِ: هَذِهِ حَسَنَاتُكَ وَقَدْ رُدت عَلَيْكَ فَيَسْوَدُّ وجهُه وَيَعْلُوهُ الْحُزْنُ، وَيَقْنَطُ مِنَ الْخَيْرِ، ثُمَّ يَقْلِبُ كِتَابَهُ فَيَقْرَأُ سَيِّئَاتَهُ، فَلا يَزْدَادُ إِلَّا حُزْنًا وَلا يزدادُ وجْهُه إِلَّا سَوَادًا، فَإِذَا بَلَغَ آخِرَ الْكِتَابِ وَجَدَ فِيهِ: هَذِهِ سَيِّئَاتُكَ، وَقَدْ ضُوعفت عَلَيْكَ؛ أَيْ: يُضاعَفُ عَلَيْهِ الْعَذَابُ، لَيْسَ الْمَعْنَى: أَنَّهُ يُزَادُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَعْمَلْ.
الصفحة 31