كتاب تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين (اسم الجزء: 5)

تَفْسِير سُورَة الناعات من آيَة (35 - 46)
{أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بناها} بِغَيْر عمد
{رفع سمكها فسواها} بَيْنكُم (وَبَينهَا) مسيرَة خَمْسمِائَة عَام
قَالَ: {وأغطش لَيْلهَا} أظلم لَيْلهَا {وَأخرج ضحاها} شمسها ونورها
قَالَ: {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} بَسَطَهَا بَعْدَ خَلْقِ السَّمَاءِ.
قَالَ مُحَمَّد: من قَرَأَ {وَالْأَرْض} بِالنّصب {بعد ذَلِك دحاها} فَالْمَعْنَى: وَدَحَا الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ بَعْدَ هَذَا: {وَالْجِبَالَ أرساها} تَفْسِيرُ نَصْبِ الْجِبَالِ؛ كَتَفْسِيرِ نَصْبِ الْأَرْضِ.
قَالَ يَحْيَى: وَكَانَ بَدْءُ خَلْقِ الْأَرْضِ فِيمَا بَلَغَنَا أَنَّهَا كَانَتْ طِينَةٌ فِي مَوْضِعِ بَيْتِ الْمُقَدّس، ثمَّ خلق السَّمَوَات، ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ فَقَالَ لَهَا: اذْهَبِي أَنْتِ كَذَا وَاذْهَبِي أَنْتِ كَذَا، وَمِنْ مَكَّةَ بُسِطَتِ الْأَرْضُ، ثُمَّ جَعَلَ فِيهَا.
جِبَالَهَا وَأَنْهَارَهَا وَأَشْجَارَهَا قَالَ: {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا ومرعاها}
{وَالْجِبَال أرساها} أَثْبَتَهَا جَعَلَهَا أَوْتَادًا لِلْأَرْضِ؛ لِئَلَّا تتحرَّكَ بِمن عَلَيْهَا
{مَتَاعا لكم ولأنعامكم} تَسْتَمْتِعُونَ بِهِ إِلَى الْمَوْتِ

الصفحة 91