كتاب الدرر البهية والروضة الندية والتعليقات الرضية (اسم الجزء: 1)
وأحسن ما يجاب به عن هذه الزيادة؛ بأنها مدرجة في هذا الحديث، كما بين ذلك جماعة من أصحاب حماد بن زيد (¬1) .
على أنه يمكن الجواب بأن كون الله ينور القبور بصلاة رسوله [صلى الله عليه وسلم] عليها لا ينفي مشروعية الصلاة من غيره تأسيا به، لا سيما بعد قوله [صلى الله عليه وسلم] : " صلوا كما رأيتموني أصلي ".
قال ابن القيم في " إعلام الموقعين ": " رُدت هذه السنن المحكمة بالمتشابه من قوله: " لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها "، وهذا حديث صحيح، والذي قاله هو الذي صلى على القبر، فهذا قوله وهذا فعله، ولا يناقض أحدهما الآخر؛ فإن الصلاة المنهي عنها إلى القبر غير الصلاة التي على القبر، فهذه صلاة الجنازة على الميت التي لا تختص بمكان؛ بل فعلها في غير المسجد أفضل من فعلها فيه، فالصلاة عليه على قبره من جنس الصلاة عليه على نعشه؛ فإنه المقصود بالصلاة في الموضعين.
ولا فرق بين كونه على النعش وعلى الأرض، وبين كونه في بطنها؛ بخلاف سائر الصلوات؛ فإنها لم تشرع في القبور، ولا إليها؛ لأنها ذريعة إلى اتخاذها مساجد.
وقد لعن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من فعل ذلك، فأين ما لعن فاعله وحذر منه، وأخبر أن أهله شرار الخلق - كما قال: " إن من شرار الناس من تدركهم الساعة
¬__________
(¬1) الزيادة في " صحيح مسلم " (957) ، وأصله في " صحيح البخاري " (1337) بدونها!
وانظر مناقشة المسألة وتحقيقها في " الفصل للوصل المدرج في النقل " (2 / 613) للخطيب، و " السنن الكبرى " (4 / 47) للبيهقي، و " الفتح " (1 / 553) للحافظ ابن حجر.
الصفحة 451
568