كتاب الدرر البهية والروضة الندية والتعليقات الرضية (اسم الجزء: 1)

أقول: الأحاديث في هذا الباب قد اختلفت، فمنها ما فيه الإذن بمطلق البكاء، ومنها ما فيه النهي عن مطلق البكاء، ووردت أحاديث مصرحة بالنهي عن النوح، كما تقدم بعض ذلك؛ ولم يأت ما يدل على جوازه.
واختلف الناس في الجمع بين الأحاديث، فالذي يترجح: الجزم بتحريم نفس النوح؛ لأنه أمر زائد على البكاء.
وأما ما لا يستطاع دفعه من دمع العين، وما عجز الطبع عن كتمه من الصوت فلا مانع منه، وعليه تحمل أحاديث الإذن بالبكاء، وفيها ما يرشد إلى هذا؛ فليعلم.
( [يحرم اتباع الجنازة بنار] :)
(واتباعها بنار، وشق الجيب، والدعاء بالويل والثبور) : لحديث أبي بردة، قال: أوصى أبو موسى حين حضره الموت، فقال: لا تتبعوني بمجمر، قالوا: أو سمعت فيه شيئا؟ ! قال: نعم، من رسول الله -[صلى الله عليه وسلم]-؛ أخرجه ابن ماجة؛ وفي إسناده مجهول (¬1) .
وقد كان هذا الفعل من أفعال الجاهلية.
وفي " الصحيحين " وغيرهما من حديث ابن مسعود، أن النبي -[صلى الله عليه وسلم]
¬__________
(¬1) • قلت: كلا؛ ليس فيه مجهول؛ بل رجاله معروفون، كلهم ثقات؛ غير أن أبا حريز - واسمه عبد الله بن حسين - تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه، ولذلك قال في " الزوائد ": " إسناده حسن ".
وله شاهد من حديث أبي هريرة، رواه مالك في " الموطأ "، وأبو داود، والحديث في " ابن ماجة (1 / 453) ، و " البيهقي " (3 / 395) ؛ ثم تبين لي أن الشارح تبع الشوكاني في " نيل الأوطار " في هذا الوهم؛ فانظر (4 / 63) . (ن)

الصفحة 461