كتاب الدرر البهية والروضة الندية والتعليقات الرضية (اسم الجزء: 1)
المسجد بقربه، وقصد التبرك به تعظيم له، ثم أحاديث النهي مطلقة، ولا دليل على التعليل بما ذكر، والظاهر أن العلة سد الذريعة، والبعد عن التشبه بعبدة الأوثان التي تعظم الجمادات التي لا تسمع، ولا تنفع، ولا تضر، ولما في إنفاق المال في ذلك من العبث والتبذير الخالي عن النفع بالكلية، ولأنه سبب لإيقاد السرج عليها، الملعون فاعله، ومفاسد ما بني على القبور من المشاهد والقباب لا تحصر.
وقد أخرج أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة عن ابن عباس: لعن رسول الله -[صلى الله عليه وسلم] زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج (¬1) "؛ وقد حققنا ذلك في رسالة مستقلة. انتهى.
( [يحرم زخرفة القبور] :)
(وزخرفتها) : لحديث ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال: قال رسول الله -[صلى الله عليه وسلم]-: " ما أمرت بتشييد المساجد "؛ أخرجه أبو داود، وصححه ابن حبان.
قال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى (¬2) .
والتشييد: رفع البناء وتزيينه بالشيد، وهو الجص، والحديث ظاهر في الكراهة، أو التحريم؛ لقول ابن عباس: كما زخرفت اليهود والنصارى؛ فإن التشبه بهم محرم؛ وذلك أنه ليس المقصود من بناء المساجد إلا أن تكن الناس
¬__________
(¬1) والحديث ضعيف؛ وستأتي إشارة شيخنا لتضعيفه.
(¬2) • وهم الشارح - رحمه الله -، فرجع الضمير إلى " المساجد "؛ وهو خطأ؛ بدليل السياق، وبدليل قوله - بعد -: " وتسريجها "؛ فهنا لا يحتمل إرجاع الضمير إلا إلى " المساجد "؛ فتدبر. (ن)
الصفحة 476
568