كتاب الدرر البهية والروضة الندية والتعليقات الرضية (اسم الجزء: 1)

وهذه شرطية حقيقية عند القائل بعدم تملك العدم؛ لأنه لا يجب على العبد أن يسعى في تحرير نفسه لتجب عليه الزكاة؛ لما تقرر أن تحصيل شرط الواجب ليجب: لا يجب، فلا وجوب على العبد حال العبودية، بخلاف الكافر؛ فإن الوجوب ثابت عليه في حال كفره، ولكنه لا تتم تأدية الواجب؛ إلا بإزالة المانع؛ وهو الكفر، وما لا يتم الواجب إلا به يجب كوجوبه.
ومن ههنا يتبين لك الفرق بين هاتين القاعدتين:
فالاولى: تستعمل قبل وجوب ذلك الواجب على الشخص.
والثانية: بعد وجوبه عليه مع مانع يمنعه عنه.
ومما ينبغي أن يجعل شرطا في وجوب الزكاة: التكليف - كما فعل الماتن - رحمه الله -، مع أنها مشروعة للتطهرة والتزكية؛ كما نطق بذلك القرآن، وهما لا يكونان لغير المكلفين، فمن أوجب على الصبي زكاة في ماله - تمسكا بالعمومات -؛ فليوجب عليه بقية الأركان الأربعة تمسكا بالعمومات!
وبالجملة: فالأصل في أموال العباد الحرمة: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} ، " لا يحل مال امرىء مسلم إلا بطيبة من نفسه "، ولا سيما أموال اليتامى؛ فإن القوارع القرآنية، والزواجر الحديثية - فيها - أظهر من أن تذكر، وأكثر من أن تحصر، فلا يأمن ولي اليتيم - إذا أخذ الزكاة من ماله - من التبعة؛ لأنه أخذ شيئا لم يوجبه الله على المالك، ولا على الولي، ولا على المال:
أما الأول: فلأن المفروض؛ أنه صبي لم يحصل له ما هو مناط التكاليف

الصفحة 489