كتاب الدرر البهية والروضة الندية والتعليقات الرضية (اسم الجزء: 1)

ويؤيد عدم الوجوب: ما ثبت عنه -[صلى الله عليه وسلم]- في " الصحيح " من حديث أبي هريرة: " ليس على المسلم صدقة في عبده ولا فرسه "؛ وظاهر ذلك عدم وجوب الزكاة في جميع الأحوال.
وقد نقل ابن المنذر الإجماع على زكاة التجارة، وهذا النقل ليس بصحيح، فأول من يخالف في ذلك الظاهرية، وهم فرقة من فرق الإسلام.
أقول: وأما الاستدلال بقوله -[صلى الله عليه وسلم]-: " وأما خالد؛ فقد حبس أدراعه وأعتده (¬1) في سبيل الله ": فلا تقوم به الحجة؛ إلا إذا كانت المطالبة له بزكاة ذلك الذي حبسه مع كونه للتجارة، فعرّفهم النبي -[صلى الله عليه وسلم]- أنها قد صارت محبسة، وأنه لا زكاة فيها بعد التحبيس، وليس الأمر كذلك، بل الظاهر أنهم لما أخبروا النبي -[صلى الله عليه وسلم]- بأن خالدا امتنع من الزكاة رد عليهم بذلك.
والمراد: أن من بلغ في التقرب إلى الله إلى هذا الحد - وهو تحبيس أدراعه وأعتده -؛ يبعد كل البعد أن يمتنع من تأدية ما أوجبه الله عليه من الزكاة، مع كونه قد تقرب بما لا يجب عليه، فلا يكون في ذلك دليل على وجوب زكاة التجارة.
وأما الاستدلال بقول عمر (¬2) ؛ فهو (¬3) ممن لا يقول بحجية قول
¬__________
(¬1) العتاد - بفتح العين والتاء وبعدها ألف -: آلة الحرب من السلاح والدواب وغيرها؛ جمعه: أعتد - بضم التاء، ويجوز كسرها -. (ش)
(¬2) انظره في " الإرواء " (828) - مضعفا -.
(¬3) أي: ابن حزم، والظاهرية.

الصفحة 505