كتاب الدرر البهية والروضة الندية والتعليقات الرضية (اسم الجزء: 1)

باب التنصيص على بعض أفراد العام؛ لما في ذلك من الحصر تارة، والنفي لما عدا ما ذُكر أخرى.
أقول: العمومات الشاملة للخضراوات كقوله - تعالى -: {وآتوا حقه يوم حصاده} ، وقوله: {خذ من أموالهم صدقة} ، وقوله [صلى الله عليه وسلم] : " فيما سقت السماء العشر "؛ قد خُصصت بمخصصات كثيرة، منها: حديث الأوساق، ومنها: الأحاديث القاضية بأن الزكاة لا تجب إلا في الأربعة الأنواع: الشعير، والحنطة، والتمر، والزبيب، هذا في الأشياء التي تنبت على وجه الأرض، وفيما عداها السوائم الثلاث والذهب والفضة؛ والواجب بناء العام على الخاص، كما هو إجماع من يُعتد به من أهل العلم، فلا وجوب فيما عدا هذه الثلاثة الأمور، سواء كان من الخضراوات أو غيرها.
بل قد ورد في الخضراوات بخصوصها ما يدل على عدم وجوب الزكاة فيها من طرق يشهد بعضها لبعض، كما أوضح ذلك الماتن في " شرح المنتقى ".
فليكن هذا البحث منك على ذُكر؛ فإن الاحتجاج بمثل هذه العمومات قد كثر في أهل العلم مع عدم الالتفات إلى الأدلة الخاصة، والذهول عن وجوب بناء العام على الخاص.
والحاصل: أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قد بين للناس ما نُزّل إليهم، ففرض على الأمة فرائض في بعض أملاكهم، ولم يفرض عليهم في البعض الآخر، ومات على ذلك، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كما تقرر في الأصول، فمن زعم أنها تجب الزكاة في غير ما بينه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] متمسكا بالعمومات القرآنية؛ كان محجوجا بما ذكرناه، هذا على فرض أنه لم يثبت عنه إلا مجرد

الصفحة 517