كتاب الدرر البهية والروضة الندية والتعليقات الرضية (اسم الجزء: 1)

اتصافه بوصف آخر من أوصاف أصناف مصارف الزكاة؛ فلا ريب أنه إذا صار غنيا لم تحل له.
وأما من أخذها بمسوغ آخر غير الفقر، وهو كونه مجاهداً أو غارماً أو نحوهما؛ فهو لم يأخذها لكونه فقيرا حتى يكون الغنى مانعا؛ بل أخذها لكونه مجاهدا أو غارما أو نحوهما، فتدبر هذا؛ فهو مفيد.
( [ممن يشملهم سبيل الله] :)
ومن جملة سبيل الله: الصرف في العلماء الذين يقومون بمصالح المسلمين الدينية؛ فإن لهم في مال الله نصيبا، سواء كانوا أغنياء أو فقراء (¬1) ؛ بل الصرف في هذه الجهة من أهم الأمور؛ لأن العلماء ورثة الأنبياء وحملة الدين، وبهم تحفظ بيضة الإسلام، وشريعة سيد الأنام، وقد كان علماء الصحابة يأخذون من العطاء ما يقوم بما يحتاجون إليه مع زيادات كثيرة يتفوضون بها في قضاء حوائج من يرد عليهم من الفقراء وغيرهم، والأمر في ذلك مشهور، ومنهم من كان يأخذ زيادة على مئة ألف درهم.
ومن جملة هذه الأموال التي كانت تفرق بين المسلمين على هذه الصفة الزكاة، وقد قال -[صلى الله عليه وسلم]- لعمر لما قال له يعطي
¬__________
(¬1) لا دليل على ذلك - فيما أرى - إلا محض الاجتهاد.
ولو كانت {في سبيل الله} عامة؛ لكان ما قبلها داخلا فيها، ولكن المراد خصوص الجهاد في سبيل الله، والله أعلم.
ولا يقال: إن هذا من باب عطف العام على الخاص؛ لأن شرط ذلك؛ أن يكون العام مذكوراً آخر، غير معطوف عليه؛ وليس الأمر كذلك ههنا؛ فإنه ذكر {سبيل الله} معطوفا ومعطوفا عليه؛ فثبت أن المراد به المعنى الخاص لا العام؛ فتنبه!

الصفحة 533