كتاب الدرر البهية والروضة الندية والتعليقات الرضية (اسم الجزء: 1)

وفي بعض ألفاظ هذا الحديث عند أبي داود: " الخراج "، مكان: " العشور "؛ ولكن إنما يتم الاستدلال بهذا الحديث على المطلوب؛ لو كان المراد به هو نصف عشر ما يتجرون به كما زعموه، وليس كذلك؛ بل فيه خلاف.
فقال في " القاموس ": " عشّرهم يُعشّرهم عشراً، وعُشوراً: أخذ عشر أموالهم ". اه.
وقال في " النهاية ": " العشور جمع عشر؛ يعني: ما كان من أموالهم للتجارات دون الصدقات، والذي يلزمهم من ذلك عند الشافعي ما صولحوا عليه وقت العهد، فإن لم يصالحوا على شيء، فلا تلزمهم إلا الجزية.
وقال أبو حنيفة - رحمه الله -: إن أخذوا من المسلمين إذا دخلوا بلادهم للتجارة؛ أخذنا منهم إذا دخلوا بلادنا للتجارة، ومنه: " احمدوا الله إذ رفع عنكم العشور " (¬1) ؛ يعني: ما كانت الملوك تأخذه منهم.
ومنه أن وفد ثقيف اشترطوا أن لا يحشروا ولا يعشروا ولا يجبوا؛ أي: لا يؤخذ عشر أموالهم (¬2) . اه كلام " النهاية ".
¬__________
(¬1) رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (3 / 197) ، وأحمد (1 / 190) عن سعيد بن زيد بسند ضعيف.
(¬2) معنى: " لا يحشروا "؛ أي: لا يندبون إلى المغازي، ولا تضرب عليهم البعوث، وقيل: لا يحشرون إلى عامل الزكاة ليأخذ صدقة أموالهم، بل يأخذها في أماكنهم.
وأما: " لا يُجبوا "؛ فإنه بضم الياء وفتح الجيم وتشديد الباء المضمومة، وأصل التجيبة أن يقوم الإنسان قيام الراكع، وقيل: هو أن يضع يديه على ركبتيه وهو قائم، وقيل: هو السجود.
والمراد بقولهم: لا يجبوا: أنهم لا يصلون.
ولفظ الحديث يدل على الركوع؛ لقوله في جوابهم: ولا خير في دين ليس فيه ركوع. اه ملخصا من " النهاية ". (ش)

الصفحة 544