كتاب الدرر البهية والروضة الندية والتعليقات الرضية (اسم الجزء: 1)
-[صلى الله عليه وسلم]- تقدير ما يؤخذ من أهل الذمة؛ إلا ما في حديث معاذ: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] أمره أن يأخذ من كل حالم ديناراً؛ أخرجه أحمد، وأهل " السنن "، والدارقطني، والبيهقي، وابن حبان، والحاكم.
وهذا الحديث - وإن كان فيه مقال (¬1) - فهو لا يخرج به عن صلاحيته للاستدلال، فالوقوف على هذا المقدار متعين لا تجوز مجاوزته.
وأما النقص منه - إذا رآه الإمام أو المسلمون - فلا بأس به؛ لأن الجزية حق لهم؛ يجوز لهم الاقتصار على بعض ما وجب.
والظاهر أنه لا فرق بين الغني والفقير والمتوسط في أنهم يستوون في جواز أخذ هذا المقدار منهم؛ لأن الجزية لما كانت عوضا عن الدم كان ذو المال كمن لا مال له.
وأما من ذهب إلى أنه يجب على الفقير نصف ما على المتوسط، وعلى المتوسط نصف ما على الغني، وجعلوا الغني من يملك ألف دينار أو ما يساويها، ويركب الخيل، ويتختم الذهب، والمتوسط دونه، تمسكا بما روي عن علي؛ أنه كان يجعل على المياسير من أهل الذمة ثمانية وأربعين درهما، وعلى الأوساط أربعة وعشرون، وعلى الفقراء اثني عشر: فهذا - مع كونه غير مرفوع إلى النبي [صلى الله عليه وسلم]- لا تقوم به الحجة؛ لأن في إسناده أبا خالد الواسطي؛ ولا يحتج بحديثه إذا كان مرفوعاً، فكيف إذا كان موقوفاً؟ !
وكذلك لا تقوم الحجة بما أخرجه في " الموطأ " عن عمر: أنه كان يأخذ
¬__________
(¬1) ولكن له طرقا وشواهد؛ فانظر " الإرواء " (795) .
الصفحة 546
568