كتاب الدرر البهية والروضة الندية والتعليقات الرضية (اسم الجزء: 1)
على أهل الذهب من أهل الذمة الجزية أربعة دنانير، وعلى أهل الورق أربعين درهما؛ لأنه فعل صحابي لا يصلح للاحتجاج به، فالاقتصار على ما في حديث معاذ متحتم.
ويؤيده ما أخرجه البيهقي (¬1) عن أبي الحويرث - مرسلاً -: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] صالح أهل أيلة وكانوا ثلاث مئة رجل على ثلاث مئة دينار.
وأما ما روي عن الشافعي، قال: سمعت بعض أهل العلم من أهل نجران يذكر أن قيمة ما أخذ من كل واحد أكثر من دينار: فهذا - مع كونه ليس بمرفوع ولا موقوف ولا معلوم قائله - لا ينافي ما ذكرنا؛ لأن المأخوذ من أهل نجران إنما كان صلحا بمقدار من المال على جميعهم، ومحل النزاع ما يضرب على كل فرد ابتداء.
ثم نقول: أموال أهل الحرب على أصل الإباحة، يجوز لكل أحد أخذ ما شاء منها كيف شاء قبل التأمين لهم، فيجوز للسلطان أن يأذن لهم بدخول بلاد المسلمين والتجارة فيها على ما شاء من قليل أو كثير، يأخذه من أموالهم؛ إنما الشأن في أخذ مثل ذلك من المسلمين الذين يسافرون للتجارة من أرض إلى أرض، فيأخذ منهم أهل الأرض التي يصلون إليها شطرا من أموالهم من غير نظر إلى كون ذلك زكاة تجارة ولا غيرها؛ بل لا يعتبرون في استحلال أخذه؛ إلا مجرد خروجهم من سفائن البحر، أو وصولهم من البر إلى حدود الأرض التي يخرجون إليها، فهذا عند التحقيق ليس هو إلا المكس من غير شك ولا شبهة، وقد حققت المقام في " إكليل الكرامة "؛ فليراجع.
¬__________
(¬1) في " السنن الكبرى " (9 / 195) ، وفي " معرفة السنن والآثار " (13 / 374) ؛ من طريق الشافعي في " الأم " (4 / 179) ؛ وفي سنده - فوق إرساله! - إبراهيم بن محمد - شيخ الشافعي -، وهو متروك.
الصفحة 547
568