كتاب الدرر البهية والروضة الندية والتعليقات الرضية (اسم الجزء: 1)

وقد أخرج أحمد، وأبو داود عن عبد الله بن ثعلبة، قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] : " صدقة الفطر صاع تمر، أو صاع شعير عن كل رأس، أو صاع بر أو قمح بين اثنين: صغير أو كبير، حر أو عبد، ذكر أو أنثى، غني أو فقير، أما غنيكم فيزكيه الله، وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطى ".
وقد وقع الخلاف في تقدير ما يعتبر في وجوب زكاة الفطر: فقيل: ملك النصاب، وقيل: قوت عشر.
أقول: التقدير بقوت عشرة أيام محض رأي؛ ليس عليه أثارة من علم، وليس هو أيضا على أسلوب مناسب باعتبار محض الرأي، فإن الرأي إذا لم يكن له علة معقولة، سائغة في العقل، مقبولة في الطبع؛ فهو مردود عند أهل الرأي!
وقد ورد ما يدل على أن الفقير كالغني في الفطرة؛ ففي حديث ابن أبي صعير (¬1) عند أبي داود بلفظ: " غني أو فقير "، ويؤيده حديث ابن ثعلبة (1) المتقدم؛ لأن المراد أن الله يرد عليه من العوض خيرا مما أخرج.
وقال مالك، والشافعي، وعطاء، وأحمد بن حنبل، وإسحاق: إنه يعتبر أن يكون مخرج الفطرة مالكا لقوت يومه وليلته.
والظاهر: أن من وجد ما يكفيه ومن يعول ليوم الفطر، ووجد صاعا
¬__________
(¬1) بضم الصاد وفتح العين المهملتين؛ وهو عبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير - ويقال: ابن صعير، ويقال: ثعلبة بن عبد الله بن صعير -.
ومن هذا؛ تعرف خطأ الشارح في قوله: " ويؤيده حديث ابن ثعلبة المتقدم "؛ فإن الحديثين هما حديث واحد، ولكنه وهم رحمه الله. (ش)

الصفحة 554