كتاب الترياق بأحاديث قواها الألباني وضعفها الحويني أبو إسحاق

فعَلَّق أبو حاتم ابن حِبَّان قائلاً: (ومَن أحقُّ بهذا التأويل من قومٍ فارَقُوا الأهلَ والأوطانَ، وقنعوا بالكِسَر والأَطْمَار، في كتب السنن والآثار، وطلب الحديث والأخبار، يجولون في البراري والقفار، ولا يُبَالون بالبؤس والإقتار، مُتَّبِعون لآثار السلف من الماضين، والسالكون ثَبَج محجَّة الصالحين، ورَدِّ الكذب عن رسول ربِّ العالمين، وذبِّ الزور عنه حتى وضح للمسلمين المنار، وتبيَّن لهم الصحيح من بين الموضوع والزور من الآثار، وأرجو أن لا يكون من هذه الأمة في الجنة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أقربَ من هذه الطائفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أَوْلَى الناسِ بي يوم القيامة أكثرُهُم عليَّ صلاةً.
وليس في هذه الأمة طائفةٌ أكثرَ صلاةً على رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الطائفة، فهم على وجوههم في الدنيا يهيمون، وبتَعَلُّم السنن فيها ينعمون، وعلى حُسنِ الاستقامة يدورون، وأهلَ الزيغ والأهواء يقمعون، وعلى السداد في السنة يموتون، وعلى الخيرات في العُقبَى يقدمون، أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - طيَّب الله ثراه - في كتابه الماتع " الانتصار لأهل الأثر" (صـ ١٣ - ١٤ ط عالم الفوائد):
(من المعلوم أنَّ أهلَ الحديث يُشارِكون كلَّ طائفةٍ فيما يَتحَلَّوْن به من صفات الكمال، ويَمْتَازون عنهم بما ليس عندهم، فإن المُنازِع لهم لابُدَّ أن يذكُرَ فيما يُخالفُهم فيه طريقاً أخرى، مثل المعقول والقياس والرأي والكلام والنظر والاستدلال والمُحَاجَّة والمجادلة والمكاشفة والمخاطبة والوَجْد والذَّوْق ونحو ذلك.
وكُلُّ هذه الطُرُق لأهل الحديث صفوَتُها وخلاصتُها، فهم أكمل الناس عقلاً، وأعدلُهم قياساً، وأصوبُهم رأياً، وأسدُّهم كلاماً، وأصحُّهم نظراً، وأهداهم استدلالاً، وأقومُهم جدلاً، وأتمُّهم فراسة، وأصدقُهم إلهاماً، وأحدُّهم بصراً ومكاشفةً، وأصوبُهم سمعاً ومخاطبةً، وأعظمهم وأحسنهم وَجْداً وذوقاً،

الصفحة 16