كتاب الترياق بأحاديث قواها الألباني وضعفها الحويني أبو إسحاق

أبو الحسن الدارقطني وجمعه في جزء، وإنما ذلك بحسب الاجتهاد فمن كان من أهل الاجتهاد والعلم بهذا الشأن لزمه أن ينظر في صحة الحديث وسقمه بمثل ما نظرا، ومن لم يكن تلك حاله لزمه تقليدهما في ما ادَّعيَا صحته، والتوقُّف فيما لم يخرجاه في الصحيح.
وقد أخرج البخاري أحاديث اعتقد صحتها تركها مسلم لما اعتقد فيها غير ذلك، وأخرج مسلم أحاديث اعتقد صحتها تركها البخاري لما اعتقد فيها غير معتقده، وهو يدلُّ على أن الأمر طريقُهُ الاجتهاد لمن كان من أهل العلم بهذا الشأن، وقليلٌ ما هم. "
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " (١٨/ ٢٢): (والمقصود هنا التمثيل بالحديث الذي يروى في الصحيح وينازع فيه بعض العلماء، وأنه قد يكون الراجح تارةً وتارةً المرجوح، ومثل هذا من موارد الاجتهاد في تصحيح الحديث كموارد الاجتهاد في الأحكام).
وقال (١٨/ ٢٤): " وبعض ما يُصححه الترمذي ينازعه غيره فيه، كما قد ينازعونه في بعض ما يضعفه ويحسنه، فقد يضعف حديثا ويصححه البخاري. "
وقال الإمام الذهبي في " سير أعلام النبلاء " (١٤/ ٢٣٩) في ترجمة: ابن الجارود، صاحب كتاب المنتقى: (صاحب كتاب المنتقى في السنن، مجلد واحد في الأحكام، لا ينزل فيه عن رتبة الحسن أبداً، إلا في النادر في أحاديث يختلف فيها اجتهاد النقاد).
وقال في " الموقظة " (صـ ٧): (ثم لا تطمع بأنَّ للحسن قاعدة تندرج كل الأحاديث الحسان فيها، فأنا على إياسٍ من ذلك، فكم من حديثٍ تردَّد فيه الحفاظ، هل هو حسنٌ أو ضعيفٌ أو صحيحٌ؟
بل الحافظ الواحد يتغيَّر اجتهاده في الحديث الواحد، فيوماً يصفُه بالصحَّة، ويوماً يصفه بالضعف، ولربَّما استضعفه، وهذا حق ... ).

الصفحة 22