كتاب الترياق بأحاديث قواها الألباني وضعفها الحويني أبو إسحاق

أما عن سبب اختلافهم، فكثيرةٌ هي الأسباب التي لأجلها اختلف حكم كل منهما.
منها: اختلافُهُم في النظر في الأسانيد، والتبحُّر في الطُّرُق، وهذا اختلافٌ رئيسٌ بين المُحدِّثين والفقهاء، فالفقيه قد يحكم على حديثٍ بالصحَّة بمجرَّد مروره على ظاهر السند الذي أمامه، بينما يحكم المحدثون على الحديث بالصحة أو بالضعف بعد جمع الأسانيد والتبحُّر في طرقها، والنظر فيها، فقد يكون هناك عِلَّة في الحديث لا تُعلَم إلا بجمع طُرُق هذا الحديث، وهذا لا يُحسِنُه إلا جهابذة هذا الفن الذين أفنوْ أعمارَهم فيه.
ومنها: عِلَّةٌ في الإسناد يراها بعض العلماء مُؤثِّرة فيحكم بضعف الحديث، بينما يراها غيره غير مُؤثِّرة فيقبل مع وجودها الحديث.
ومنها: الاختلاف على حال راوٍ من الرواة، يرى بعضهم حالُه مستقيماً فيقبل حديثه، بينما يرى البعض الآخر ضعفه لا سيما مع تفرُّده.
ومنها: قبول بعض العلماء زيادة زادها أحد الثقات في حديث شيخٍ من الشيوخ المشاهير بالرواية، على جماعةٍ من أقرانه الثقات، فيحكمون بأنها زيادة ثقة نظراً لوجود قرائن يترجَّح لديهم الحكم بها، بينما يحكم البعض الآخر بشذوذ هذه الزيادة لمخالفته لجماهير أصحاب هذا الراوي وهذا الاختلاف مهيَعٌ مُتَّسع، والاختلاف في اعتبار القرائن مما يسعُ فيه الخلاف.
ومنها: أن راوياً من الرواة يرى بعض العلماء إدراكه لأحد شيوخه فيحكم باتصال حديثه، بينما يحكم البعض الآخر بعدم إمكان اللقاء فيترتب على ذلك رد حديثه.
ومنها: الاختلاف في حد (الحديث الحسن) فمن العلماء من يتوسَّع فيه ويُدخل في الحسن أحاديث يرى غيره من العلماء عدم إمكان ارتقائها لهذه الدرجة، وهذا أيضاً مما كثر الخلاف حوله.
ومنها: أنَّ بعض العلماء يقبل حديثاً نظراً لجودة إسناده، بينما يرُدُّه البعض

الصفحة 24