كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 1)

فمنعه الْخَزَنَةُ، فَأَتَى الْحَيَّةَ، وَهِيَ دَابَّةٌ لَهَا أَرْبَعُ قَوَائِمَ، كَأَنَّهَا الْبَعِيرُ، وَهِيَ كَأَحْسَنِ الدَّوَابِّ فَكَلَّمَهَا أَنْ تُدْخِلَهُ فِي فَمِهَا حَتَّى تَدْخُلَ بِهِ إِلَى آدَمَ، فَأَدْخَلَتْهُ فِي فَمِهَا، فَمَرَّتِ الْحَيَّةُ على الخزنه فدخلت وَهُمْ لا يَعْلَمُونَ، لِمَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الأَمْرِ، فَكَلَّمَهُ مِنْ فَمِهَا وَلَمْ يُبَالِ كَلامَهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَقَالَ: «يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى» ، يَقُولُ: هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةٍ إِنْ أَكَلْتَ مِنْهَا كُنْتَ مَلِكًا مِثْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ فَلا تَمُوتَانِ أَبَدًا وَحَلَفَ لَهُمَا بِاللَّهِ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ يُبْدِيَ لَهُمَا مَا تَوَارَى عَنْهُمَا مِنْ سَوْءَاتِهِمَا بِهَتْكِ لِبَاسِهِمَا، وَكَانَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ لَهُمَا سَوْءَةً لِمَا كَانَ يَقْرَأُ مِنْ كُتُبِ الْمَلائِكَةِ، وَلَمْ يَكُنْ آدَمُ يَعْلَمُ ذَلِكَ، وَكَانَ لِبَاسُهُمَا الظُّفُرَ، فَأَبَى آدَمُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا، فَتَقَدَّمَتْ حَوَّاءُ فَأَكَلَتْ، ثُمَّ قَالَتْ: يَا آدَمُ كُلْ، فَإِنِّي قَدْ أَكَلْتُ، فلم يضرني، فلما اكل بدت لَهُما سَوْآتُهُما، وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ» .
حَدَّثَنَا ابن حميد، قال: حَدَّثَنَا سلمة، عن ابن إسحاق، عن ليث ابن أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ طَاوُسٍ الْيَمَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ إِبْلِيسَ عَرَضَ نَفْسَهُ عَلَى دَوَابِّ الأَرْضِ: أَيِّهَا تَحْمِلُهُ حَتَّى تدخل بِهِ الْجَنَّةَ حَتَّى يُكَلِّمَ آدَمَ وَزَوْجَهُ، فَكُلُّ الدَّوَابِّ أَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ، حَتَّى كَلَّمَ الْحَيَّةَ، فَقَالَ لَهَا: أَمْنَعُكِ مِنْ بَنِي آدَمَ، فَأَنْتِ فِي ذِمَّتِي إِنْ أَنْتِ أَدْخَلْتِنِي الْجَنَّةَ، فَجَعَلَتْهُ بَيْنَ نَابَيْنِ مِنْ أَنْيَابِهَا ثُمَّ دَخَلَتْ بِهِ، فَكَلَّمَهُمَا مِنْ فَمِهَا وَكَانَتْ كَاسِيَةً تَمْشِي عَلَى أَرْبَعِ قَوَائِمَ، فَأَعْرَاهَا اللَّهُ تَعَالَى وَجَعَلَهَا تَمْشِي عَلَى بَطْنِهَا، قَالَ: يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ:
اقْتُلُوهَا حَيْثُ وَجَدْتُمُوهَا، وَاخْفِرُوا ذِمَّةَ عَدُوِّ اللَّهِ فِيهَا

الصفحة 107