كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 1)
الْكِتَابَ فَسَقَطَ فِي حِجْرِهَا أَنَّهُ كِتَابٌ كَرِيمٌ، وَأَشْفَقَتْ مِنْهُ، فَأَخَذَتْهُ وَأَلْقَتْ عَلَيْهِ ثِيَابَهَا، وَأَمَرَتْ بِسَرِيرِهَا فَأُخْرِجَ، فَخَرَجَتْ فَقَعَدَتْ عَلَيْهِ، وَنَادَتْ فِي قومها، فقالت لهم: «يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ» وَلَمْ أَكُنْ لِأَقْطَعَ أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونَ، «قالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ» - الى- «وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ» ، فَإِنْ قَبِلَهَا فَهَذَا مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا وَأَنَا أَعَزُّ مِنْهُ وَأَقْوَى، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا فَهَذَا شَيْءٌ مِنَ اللَّهِ.
فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ الْهَدِيَّةُ قَالَ لَهُمْ سُلَيْمَانُ: «أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ» - إِلَى قَوْلِهِ: «وَهُمْ صاغِرُونَ» ، يَقُولُ: وَهُمْ غَيْرُ مَحْمُودِينَ قَالَ: بَعَثَتْ إِلَيْهِ بِخَرَزَةٍ غَيْرِ مَثْقُوبَةٍ، فَقَالَتِ: اثْقُبْ هَذِهِ، قَالَ:
فَسَأَلَ سُلَيْمَانُ الْإِنْسَ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ عِلْمُ ذَاكَ، ثُمَّ سَأَلَ الْجِنَّ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ عِلْمُ ذَاكَ، قَالَ: فَسَأَلَ الشَّيَاطِينَ، فَقَالُوا: تُرْسِلُ إِلَى الْأَرَضَةِ، فَجَاءَتِ الْأَرَضَةُ فَأَخَذَتْ شَعْرَةً فِي فِيهَا فَدَخَلَتْ فِيهَا فَنَقَبَتْهَا بَعْدَ حِينٍ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهَا رَسُولُهَا خَرَجَتْ فَزِعَةً فِي أَوَّلِ النَّهَارِ مِنْ قَوْمِهَا وَتَبِعَهَا قَوْمُهَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَكَانَ مَعَهَا أَلْفُ قَيْلٍ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَهْلُ الْيَمَنِ يُسَمُّونَ الْقَائِدَ قَيْلًا، مَعَ كُلِّ قَيْلٍ عَشَرَةُ آلافٍ قَالَ العباس: قَالَ عَلِيٌّ: عَشَرَةُ آلافِ أَلْفٍ.
قَالَ الْعَبَّاسُ: قَالَ عَلِيٌّ: فَأَخْبَرَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، قال: فاقبلت بلقيس الى سليمان ومعها ثلاثمائة قَيْلٍ وَاثْنَا عَشَرَ قَيْلًا، مَعَ كُلِّ قَيْلٍ عَشَرَةُ آلافٍ.
قَالَ عَطَاءٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَكَانَ سُلَيْمَانُ رَجُلًا مَهِيبًا لا يبتدأ بِشَيْءٍ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَسْأَلُ عَنْهُ، فَخَرَجَ يَوْمَئِذٍ فَجَلَسَ عَلَى سَرِيرِهِ،
الصفحة 491