كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 1)

وَأَمَّا الْمَجُوسُ فَإِنَّهَا تُوَافِقُ النَّصَارَى وَالْيَهُودَ فِي مُدَّةِ خَرَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأَمْرِ بُخْتَنَصَّرَ، وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى غَلَبَةِ الإِسْكَنْدَرِ عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَالشَّامِ وَهَلاكِ دارا، وَتُخَالِفُهُمْ فِي مُدَّةِ مَا بَيْنَ مُلْكِ الإِسْكَنْدَرِ وَمَوْلِدِ يَحْيَى، فَتَزْعُمُ أَنَّ مُدَّةَ ذَلِكَ إِحْدَى وَخَمْسُونَ سَنَةً فَبَيْنَ الْمَجُوسِ وَالنَّصَارَى مِنَ الاخْتِلَافِ فِي مُدَّةِ مَا بَيْنَ مُلْكِ الإِسْكَنْدَرِ وَمَوْلِدِ يَحْيَى وَعِيسَى مَا ذَكَرْتُ.
وَالنَّصَارَى تَزْعُمُ أَنَّ يَحْيَى وُلِدَ قَبْلَ عِيسَى بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَأَنَّ الَّذِي قَتَلَهُ مَلِكٌ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ هِيردُوسُ، بِسَبَبِ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا هِيرُوذيَا، كَانَتِ امْرَأَةَ أَخٍ لَهُ، يُقَالُ لَهُ فيلفُوسُ، عَشِقَهَا فَوَافَقَتْهُ عَلَى الْفُجُورِ، وَكَانَ لَهَا ابْنَةٌ يُقَالُ لَهَا دمنَى فَأَرَادَ هِيردُوسُ أَنْ يَطَأَ امْرَأَةَ أَخِيهِ الْمُسَمَّاةَ هِيروذيَا، فَنَهَاهُ يَحْيَى وَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ لا تَحِلُّ لَهُ، فَكَانَ هِيرُدوسُ مُعْجَبًا بِالابْنَةِ، فَأَلْهَتْهُ يَوْمًا، ثُمَّ سَأَلَتْهُ حَاجَةً فَأَجَابَهَا إِلَيْهَا، وَأَمَرَ صَاحِبًا لَهُ بِالنُّفُوذِ لِمَا تَأْمُرُهُ بِهِ، فَأَمَرَتْهُ أَنْ يَأْتِيَهَا بِرَأْسِ يَحْيَى، فَفَعَلَ، فَلَّما عَرَفَ هِيردُوسُ الْخَبَرَ أُسْقِطَ فِي يَدِهِ، وَجَزَعَ جَزَعًا شَدِيدًا.
وَأَمَّا مَا قَالَ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالأَخْبَارِ وَأُمُورِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فَقَدْ حَكَيْتُ مِنْهُ مَا قَالَهُ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَلْبِيُّ.
وأما ما قَالَ ابن إسحاق فيه، فهو مَا حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بن إسحاق، قَالَ: عمرت بنو إسرائيل بعد ذلك- يعني بعد مرجعهم من أرض بابل إلى بيت المقدس- يحدثون الأحداث، ويعود الله عليهم ويبعث فيهم الرسل، ففريقا يكذبون وفريقا يقتلون، حتى كان آخر من بعث فيهم من أنبيائهم زكرياء ويحيى بن زكرياء وعيسى بن مريم، وكانوا من بيت آل داود ع وهو يحيى بن زكرياء بن ادى ابن مسلم بن صدوق بن نحشان بن داود بن سليمان بن مسلم بن صديقة بن برخية بن شفاطية بن فاحور بن شلوم بن يهفاشاط بن اسا بن أبيا بن رحبعم

الصفحة 590