كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 1)

وخلا في بني إسرائيل ثم قَالَ: يا يحيى بن زكرياء، قد علم ربي وربك ما قد أصاب قومك من أجلك، وما قتل منهم من أجلك، فاهدأ بإذن الله قبل ألا أبقي من قومك أحدا، فهدأ دم يحيى بإذن الله، ورفع نبوزراذان عنهم القتل، وقال: آمنت بما آمنت به بنو إسرائيل، وصدقت به وأيقنت أنه لا رب غيره، ولو كان معه آخر لم يصلح، لو كان معه شريك لم تستمسك السموات والأرض، ولو كان له ولد لم يصلح، فتبارك وتقدس وتسبح وتكبر وتعظم! ملك الملوك الذي يملك السموات السبع بعلم وحكم وجبروت وعزة، الذي بسط الأرض وألقى فيها رواسي لا تزول، فكذلك ينبغي لربي أن يكون ويكون ملكه فأوحى إلى رأس من رءوس بقية الأنبياء أن نبوزراذان حبور صدوق- والحبور بالعبرانية حديث الإيمان- وأن نبوزراذان قَالَ لبني إسرائيل: إن عدو الله خردوس أمرني أن أقتل منكم حتى تسيل دماؤكم وسط عسكره وإني فاعل، لست أستطيع أن أعصيه قَالُوا له: افعل ما أمرت به، فأمرهم فحفروا خندقا، وأمر بأموالهم من الخيل والبغال والحمير والبقر والغنم والإبل فذبحها، حتى سال الدم في العسكر، وأمر بالقتلى الذين كانوا قتلوا قبل ذلك فطرحوا على ما قتل من مواشيهم، حتى كانوا فوقهم، فلم يظن خردوس إلا أن ما كان في الخندق من بني إسرائيل.
فلما بلغ الدم عسكره أرسل إلى نبوزراذان: ارفع عنهم، فقد بلغني دماؤهم، وقد انتقمت منهم بما فعلوا ثم انصرف عنهم إلى أرض بابل، وقد أفنى بني إسرائيل أو كاد، وهي الوقعة الأخيرة التي أنزل الله ببني إسرائيل، يقول الله تعالى لنبيه محمد ص: «وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ» إلى قوله: «وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً» .
وعسى من الله حق، فكانت الوقعه الأولى بختنصر وجنوده، ثم رد

الصفحة 592