كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 1)

الله لهم الكرة عليهم، ثم كانت الوقعة الأخيرة خردوس وجنوده، وهي كانت أعظم الوقعتين، فيها كان خراب بلادهم وقتل رجالهم وسبي ذراريهم ونسائهم، يقول الله عز وجل: «وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً» .
رجع الحديث الى حديث عيسى بن مريم وأمه عليهما السلام.
قَالَ: وكانت مريم ويوسف بن يعقوب ابن عمها يليان خدمة الكنيسة، فكانت مريم إذا نفد ماؤها- فيما ذكر- وماء يوسف أخذ كل واحد منهما قلته، فانطلق إلى المغارة التي فيها الماء الذي يستعذبانه، فيملأ قلته، ثم يرجعان إلى الكنيسة فلما كان اليوم الذي لقيها فيه جبرئيل- وكان أطول يوم في السنة وأشده حرا- نفد ماؤها، فقالت: يا يوسف، ألا تذهب بنا نستقي! قَالَ: إن عندي لفضلا من ماء أكتفي به يومي هذا إلى غد، قالت:
لكني والله ما عندي ماء، فأخذت قلتها، ثم انطلقت وحدها، حتى دخلت المغارة، فتجد عندها جبرئيل، قد مثله الله لها بشرا سويا: فقال لها:
يا مريم، إن الله قد بعثني إليك لأهب لك غلاما زكيا، قالت:
«إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا
» ، وهي تحسبه رجلا من بني آدم فقال: انما انا رسول ربك، قالت: «أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا» ، أي أن الله قد قضى أن ذلك كائن فلما قَالَ ذلك استسلمت لقضاء الله، فنفخ في جيبها، ثم انصرف عنها، وملأت قلتها.
قال: فحَدَّثَنِي مُحَمَّد بن سهل بن عسكر البخاري، قال حدثنا اسماعيل ابن عبد الكريم، قال: حدثني عبد الصمد بن معقل، ابن أخي وهب،

الصفحة 593