كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 2)

الله ص لَمَّا هَزَمَ الْقَوْمَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، قَالَ الَّذِينَ كَانُوا جُعِلُوا مِنْ وَرَائِهِمْ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَرَأَوُا النِّسَاءَ مُصْعِدَاتٍ فِي الْجَبَلِ، وَرَأَوُا الْغَنَائِمَ: انْطَلِقُوا الى رسول الله ص، فَأَدْرِكُوا الْغَنِيمَةَ قَبْلَ أَنْ يَسْبِقُونَا إِلَيْهَا، وَقَالَتْ طائفه اخرى: بل نطيع رسول الله ص فَنَثْبُتْ مَكَانَنَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ لَهُمْ: «مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا» الَّذِينَ أَرَادُوا الْغَنِيمَةَ، «وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ» الَّذِينَ قَالُوا: نُطِيعُ رَسُولَ اللَّهِ وَنَثْبُتُ مَكَانَنَا، فَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ: مَا شَعُرْتُ أَنَّ أحدا من اصحاب النبي ص كَانَ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَعَرَضَهَا، حَتَّى كَانَ يَوْمَئِذٍ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قال: لما برز رسول الله ص إِلَى الْمُشْرِكِينَ بِأُحُدٍ أَمَرَ الرُّمَاةَ، فَقَامُوا بِأَصْلِ الْجَبَلِ فِي وُجُوهِ خَيْلِ الْمُشْرِكِينَ، وَقَالَ لَهُمْ: لا تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ إِنْ رَأَيْتُمْ أَنَّنَا قَدْ هَزَمْنَاهُمْ، فَإِنَّا لا نَزَالُ غَالِبِينَ مَا ثَبَتُّمْ مَكَانَكُمْ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ أَخَا خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ.
ثُمَّ إِنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُثْمَانَ صَاحِبَ لِوَاءِ الْمُشْرِكِينَ قَامَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ، إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْجَلُنَا بِسِيُوفِكُمْ إِلَى النَّارِ، وَيَعْجَلُكُمْ بِسُيُوفِنَا إِلَى الْجَنَّةِ، فَهَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ يَعْجَلُهُ اللَّهُ بِسَيْفِي إِلَى الْجَنَّةِ، أَوْ يَعْجَلُنِي بِسَيْفِهِ إِلَى النَّارِ! فَقَامَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا أُفَارِقُكَ حَتَّى أَعْجَلَكَ بِسَيْفِي إِلَى النَّارِ، أَوْ تَعْجَلَنِي بِسَيْفِكَ إِلَى الْجَنَّةِ، فَضَرَبَهُ عَلِيٌّ فَقَطَعَ رِجْلَهُ فَسَقَطَ فَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ الله والرحم يا بن عم! فتركه، فكبر رسول الله ص، وقال لعلى:
مَا مَنَعَكَ أَنْ تُجْهِزَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: إِنَّ ابْنَ عَمِّي نَاشَدَنِي حِينَ انْكَشَفَتْ

الصفحة 509