كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 2)

قَالَ: فَرَفَعَ السَّيْفَ لِيَضْرِبَهَا، ثُمَّ كَفَّ عَنْهَا قَالَ: قُلْتُ: كُلَّ عَمَلِكَ قَدْ رَأَيْتُ، أَرَأَيْتَ رَفْعَكَ لِلسَّيْفِ عَنِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ مَا أَهْوَيْتَ بِه إِلَيْهَا! قَالَ:
فَقَالَ: أَكْرَمْتُ سَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ أَنْ أَقْتُلَ بِهِ امْرَأَةً.
رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ بِحَقِّهِ؟ فَقَامَ إِلَيْهِ رِجَالٌ، فَأَمْسَكَهُ عَنْهُمْ، حَتَّى قَامَ إِلَيْهِ أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ أَخُو بَنِي سَاعِدَةَ، فَقَالَ: وَمَا حَقُّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْ تَضْرِبَ بِهِ فِي الْعَدُوِّ حَتَّى يَنْحَنِيَ، فَقَالَ: أَنَا آخِذُهُ بِحَقِّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ- وَكَانَ أَبُو دُجَانَةَ رَجُلا شُجَاعًا يَخْتَالُ عِنْدَ الْحَرْبِ إِذَا كَانَتْ، وَكَانَ إِذَا أَعْلَمَ بِعِصَابَةٍ لَهُ حَمْرَاءَ يَعْصِبُهَا عَلَى رَأْسِهِ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّهُ سَيُقَاتِلُ- فَلَمَّا أَخَذَ السَّيْفَ من يد رسول الله ص أَخَذَ عِصَابَتَهُ تِلْكَ، فَعَصَبَ بِهَا رَأْسَهُ، ثُمَّ جَعَلَ يَتَبَخْتَرُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ.
فَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسْلَمَ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، قَالَ: [قال رسول الله ص حِينَ رَأَى أَبَا دُجَانَةَ يَتَبَخْتَرُ: إِنَّهَا لَمِشْيَةٌ يُبْغِضُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا فِي هَذَا الْمَوْطِنِ] وَقَدْ أَرْسَلَ أَبُو سُفْيَانَ رَسُولا، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ عَمِّنَا نَنْصَرِفُ عَنْكُمْ، فَإِنَّهُ لا حَاجَةَ لَنَا بِقِتَالِكُمْ فَرَدُّوهُ بِمَا يَكْرَهُ.
حَدَّثَنَا ابْنُ حميد، قال: حَدَّثَنَا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عُمَرَ بن قَتَادَة، أَنَّ أَبَا عَامِرٍ عَبْدَ عَمْرِو بْنَ صَيْفِيِّ بْنِ مَالِكِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَمَةَ، أَحَدَ بَنِي ضُبَيْعَةَ، وَقَدْ كَانَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مباعدا

الصفحة 511