كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 2)

هَؤُلاءِ الْقَوْمِ أَمْ لا؟ فَإِنْ كَانَ حَقًّا فَالْحِنُوا لِي لَحْنًا نَعْرِفُهُ، وَلا تَفُتُّوا فِي أَعْضَادِ النَّاسِ، وَإِنْ كَانُوا عَلَى الْوَفَاءِ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَاجْهَرُوا بِهِ لِلنَّاسِ.
فَخَرَجُوا حَتَّى أَتَوْهُمْ فَوَجَدُوهُمْ عَلَى أَخْبَثِ مَا بَلَغَهُمْ عَنْهُمْ، ونالوا من رسول الله ص، وَقَالُوا: لا عَقْدَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ وَلا عَهْدَ.
فَشَاتَمَهُمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَشَاتَمُوهُ، وَكَانَ رجلا فيه حد، فقال له سعد ابن مُعَاذٍ: دَعْ عَنْكَ مُشَاتَمَتَهُمْ، فَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ أَرْبَى مِنَ الْمُشَاتَمَةِ.
ثُمَّ أَقْبَلَ سَعْدٌ وَسَعْدٌ ومن معهما الى رسول الله ص فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالُوا: عَضَلٌ وَالْقَارَّةُ أَيْ كَغَدْرِ عَضَلٍ وَالْقَارَّةِ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابِ الرَّجِيعِ، خُبَيْبِ بْنِ عدى واصحابه [فقال رسول الله ص: اللَّهُ أَكْبَرُ! أَبْشِرُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ،] وَعَظُمَ عِنْدَ ذَلِكَ الْبَلاءُ، وَاشْتَدَّ الْخَوْفُ، وَأَتَاهُمْ عَدُّوهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ حَتَّى ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ كُلَّ ظَنٍّ، وَنَجَمَ النِّفَاقُ مِنْ بَعْضِ المنافقين، حتى قال معتب ابن قُشَيْرٍ، أَخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَعِدُنَا أَنْ نَأْكُلَ كُنُوزَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَأَحَدُنَا لا يَقْدِرُ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى الْغَائِطِ! وَحَتَّى قَالَ أَوْسُ بْنُ قَيْظِيٍّ، أَحَدُ بَنِي حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ بُيُوتَنَا لَعَوْرَةٌ مِنَ الْعَدُوِّ- وَذَلِكَ عَنْ مَلإٍ مِنْ رِجَالِ قَوْمِهِ- فَأْذَنْ لَنَا فَلْنَرْجِعْ إِلَى دَارِنَا، فَإِنَّهَا خَارِجَةٌ مِنَ الْمَدِينَةِ.
فَأَقَامَ رَسُولُ الله ص، وَأَقَامَ الْمُشْرِكُونَ عَلَيْهِ بِضْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْقَوْمِ حَرْبٌ إِلا الرَّمْيُ بِالنَّبْلِ وَالْحِصَارُ.
فَلَمَّا اشْتَدَّ الْبَلاءُ على الناس بعث رسول الله ص- كما حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ- إِلَى

الصفحة 572