كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 2)

بِهِ حَتَّى قَتَلَهُ، وَخَرَجَ الْمَوْلَى سَرِيعًا حَتَّى اتى رسول الله ص وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ طَالِعًا، قَالَ: إِنَّ هَذَا رَجُلٌ قَدْ رَأَى فَزَعًا، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: وَيْلَكَ! مَا لَكَ! قَالَ: قَتَلَ صَاحِبُكُمْ صاحبي، فو الله مَا بَرِحَ حَتَّى طَلَعَ أَبُو بَصِيرٍ مُتَوَشِّحًا السيف، حتى وقف على رسول الله ص، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفَتْ ذِمَّتُكَ، وَأُدِّيَ عَنْكَ، أَسْلَمْتَنِي وَرَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ ثُمَّ أَنْجَانِي اللَّهُ منهم [فقال النبي ص: وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ! - وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي حَدِيثِهِ: مِحَشَّ حَرْبٍ- لَوْ كَانَ مَعَهُ رِجَالٌ!] فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ قَالَ: فَخَرَجَ أَبُو بَصِيرٍ حَتَّى نَزَلَ بِالْعَيْصِ مِنْ نَاحِيَةِ ذِي الْمَرْوَةِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ بِطَرِيقِ قُرَيْشٍ الَّذِي كَانُوا يَأْخُذُونَ إِلَى الشَّامِ وَبَلَغَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ كَانُوا احْتَبَسُوا بِمَكَّةَ قول رسول الله ص لأَبِي بَصِيرٍ: [وَيْلَ أُمِّهِ مِحَشَّ حَرْبٍ لَوْ كَانَ مَعَهُ رِجَالٌ،] فَخَرَجُوا إِلَى أَبِي بَصِيرٍ بِالْعَيْصِ، وَيَنْفَلِتُ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ قَرِيبٌ مِنْ سَبْعِينَ رَجُلا مِنْهُمْ، فَكَانُوا قَدْ ضَيَّقُوا على قريش، فو الله مَا يَسْمَعُونَ بَعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَّامِ إِلا اعْتَرَضُوا لَهُمْ فَقَتَلُوهُمْ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، فَأَرْسَلَتْ قريش الى النبي ص يُنَاشِدُونَهُ بِاللَّهِ وَبِالرَّحِمِ لَمَا أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ! فَمَنْ أتاه فهو آمن، فاواهم رسول الله ص، فَقَدِمُوا عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ.
زَادَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي حَدِيثِهِ: فَلَمَّا بَلَغَ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو قَتْلُ أَبِي بَصِيرٍ صَاحِبَهُمُ الْعَامِرِيَّ أَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَقَالَ: لا أُؤَخِّرُ ظَهْرِي عَنِ الْكَعْبَةِ، حَتَّى يُودُوا هَذَا الرَّجُلَ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ السَّفَهُ! وَاللَّهِ لا يُودَى! ثَلاثًا

الصفحة 639