كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 3)
عُثْمَانُ: إِنَّهُ عُمَرُ! فَهَلُمُّوا فَلْنَسْتَبْرِئُ مَا عِنْدَهُ مِنْ وَرَاء، نَأْتِي حَفْصَةَ فَنَسْأَلُهَا وَنَسْتَكْتِمُهَا، فَدَخَلُوا عَلَيْهَا وَأَمَرُوهَا أَنْ تُخْبِرَ بِالْخَبَرِ عَنْ نَفَرٍ، وَلا تُسَمِّي لَهُ أَحَدًا، إِلا أَنْ يَقْبَلَ، وَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهَا، فَلَقِيَتْ عُمَرَ فِي ذَلِكَ، فَعَرَفَتِ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، وَقَالَ: مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالَتْ: لا سَبِيلَ إِلَى عِلْمِهِمْ حَتَّى أَعْلَمَ رَأْيَكَ، فَقَالَ: لَوْ عَلِمْتُ مَنْ هُمْ لَسُؤْتُ وُجُوهَهُمْ، أَنْتِ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ! أَنْشُدُكِ بِاللَّهِ، مَا افضل ما اقتنى رسول الله ص فِي بَيْتِكِ مِنَ الْمَلْبَسِ؟ قَالَتْ: ثَوْبَيْنِ مُمَشَّقَيْنِ كَانَ يَلْبَسُهُمَا لِلْوَفْدِ، وَيَخْطُبُ فِيهِمَا لِلْجُمَعِ، قَالَ: فَأَيُّ الطَّعَامِ نَالَهُ عِنْدَكِ أَرْفَعُ؟ قَالَتْ: خَبَزْنَا خُبْزَةَ شَعِيرٍ، فَصَبَبْنَا عَلَيْهَا وَهِيَ حَارَّةٌ أَسْفَلَ عُكَّةٍ لَنَا، فَجَعَلْنَاهَا هَشَّةً دَسِمَةً، فَأَكَلَ مِنْهَا وَتَطَعَّمَ مِنْهَا اسْتِطَابَةً لَهَا قَالَ: فَأَيُّ مَبْسَطٍ كَانَ يَبْسُطُهُ عِنْدَكِ كَانَ أَوْطَأَ؟ قَالَتْ: كِسَاءٌ لَنَا ثَخِينٌ كُنَّا نُرْبِعُهُ فِي الصَّيْفِ، فَنَجْعَلُهُ تَحْتَنَا، فَإِذَا كَانَ الشِّتَاءُ بَسَطْنَا نِصْفَهُ وَتَدَثَّرْنَا بِنِصْفِهِ، قَالَ: يَا حَفْصَةُ، فَأَبْلِغِيهِمْ عَنِّي أَنَّ رسول الله ص قدر فوضع الفضول مواضعها، وتبلغ بالتزجيه، وانى قدرت فو الله لاضعن الفضول مواضعها، ولا تبلغن بالتزجيه، وَإِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ صَاحِبَيَّ كِثَلاثَةٍ سَلَكُوا طَرِيقًا، فَمَضَى الأَوَّلُ وَقَدْ تَزَوَّدَ زَادًا فَبَلَغَ، ثُمَّ اتَّبَعَهُ الآخَرُ فَسَلَكَ طَرِيقَهُ، فَأَفْضَى إِلَيْهِ، ثُمَّ اتَّبَعَهُ الثَّالِثُ، فَإِنْ لَزِمَ طَرِيقَهُمَا وَرَضِيَ بِزَادِهِمَا لَحِقَ بِهِمَا وَكَانَ مَعَهُمَا، وَإِنْ سَلَكَ غَيْرَ طَرِيقِهِمَا لَمْ يُجَامِعْهُمَا.
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَصْحَابِهِ.
وَالضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا افْتُتِحَتِ الْقَادِسِيَّةُ وَصَالَحَ مَنْ صَالَحَ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ وَافْتُتِحَتْ دِمَشْقُ، وَصَالَحَ أَهْلُ دِمَشْقَ، قَالَ عُمَرُ لِلنَّاسِ:
اجْتَمِعُوا فَأَحْضِرُونِي عِلْمَكُمْ فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْقَادِسِيَّةِ وَأَهْلِ الشَّامِ فَاجْتَمَعَ
الصفحة 617