كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 3)

فَأَخَذَ فَرَسَهُ وَسِوَارَيْهِ وَسَلَبَهُ، وَانْكَشَفَ أَصْحَابُهُ، فَذَهَبُوا فِي الْبِلادِ، وَأَقَامَ زَهْرَةُ بِكُوثَى حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ سَعْدٌ، فَأَتَى بِهِ سَعْدًا، فَقَالَ سَعْدٌ: عَزَمْتُ عَلَيْكَ يَا نَائِلُ بْنَ جُعْشُمٍ لَمَا لَبِسْتَ سِوَارَيْهِ وَقِبَاءَهُ وَدِرْعَهُ، وَلَتَرْكَبَنَّ بِرْذَوْنَهُ! وَغَنَّمَهُ ذَلِكَ كُلَّهُ فَانْطَلَقَ، فَتَدَرَّعَ سَلْبَهُ، ثُمَّ أَتَاهُ فِي سِلاحِهِ عَلَى دَابَّتِهِ، فَقَالَ: اخْلَعْ سِوَارَيْكَ إِلا أَنْ تَرَى حَرْبًا فَتَلْبَسْهُمَا، فَكَانَ أَوَّلَ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سُوِّرَ بِالْعِرَاقِ.
كَتَبَ إِلَيَّ السري، عن شعيب، عن سيف، عَنْ مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ وَالْمُهَلَّبِ وَعَمْرٍو وَسَعِيدٍ، قَالُوا: فَأَقَامَ سَعْدٌ بِكُوثَى أَيَّامًا، وَأَتَى الْمَكَانَ الَّذِي جَلَسَ فِيهِ ابراهيم ع بِكُوثَى، فَنَزَلَ جَانِبَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَانُوا يُبَشِّرُونَ إِبْرَاهِيمَ، وَأَتَى الْبَيْتَ الَّذِي كَانَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ ع مَحْبُوسًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَعَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَقَرَأَ:
«وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ»
. حديث بهرسير في ذي الحجة سنة خمس عشره في قول سيف
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة والمهلب وَعَمْرٍو وَسَعِيدٍ وَالنَّضْرِ، عَنِ ابْنِ الرُّفَيْلِ، قَالُوا: ثُمَّ إِنَّ سَعْدًا قَدِمَ زَهْرَةَ إِلَى بَهُرَسِيرَ، فَمَضَى زَهْرَةُ مِنْ كُوثَى فِي الْمُقَدِّمَاتِ حَتَّى ينزل بهرسير، وقد تلقاه شيرزاد بِسَابَاطَ بِالصُّلْحِ وَتَأْدِيَةِ الْجَزَاءِ، فَأَمْضَاهُ إِلَى سَعْدٍ، فَأَقْبَلَ مَعَهُ وَتَبِعَتْهِ الْمُجَنِّبَاتُ، وَخَرَجَ هَاشِمٌ، وَخَرَجَ سَعْدٌ فِي أَثَرِهِ، وَقَدْ فَلَّ زَهْرَةُ كَتِيبَةَ كِسْرَى بُورَانَ حَوْلَ الْمُظْلِمِ، وَانْتَهَى هَاشِمٌ إِلَى مُظْلِمِ سَابَاطَ، وَوَقَفَ لِسَعْدٍ حَتَّى لَحِقَ بِهِ، فَوَافَقَ ذَلِكَ رُجُوعَ الْمُقَرَّطِ أَسَدٍ كَانَ لِكِسْرَى قَدْ أَلِفَهُ وَتَخَيَّرَهُ مِنْ أُسُودِ الْمُظْلِمِ، وَكَانَتْ بِهِ كَتَائِبُ كِسْرَى الَّتِي تُدْعَى بُورَانَ، وَكَانُوا يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ كُلَّ يَوْمٍ: لا يَزُولُ مُلْكُ فَارِسَ مَا عِشْنَا-، فَبَادَرَ

الصفحة 622