كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 4)
قَالَ: نَعَمْ وَلا أَرَاهُ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ- قَالَ: فَذَلِكَ حِينَ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْنِي- قَالَتْ: لَوْ أَرَدْتَ أَنْ أَخْرُجَ إِلَى الرِّجَالِ لَكَسْوَتَنِي كَمَا كَسَا ابْنُ جَعْفَرٍ امْرَأَتَهُ، وَكَمَا كَسَا الزُّبَيْرُ امْرَأَتَهُ، وَكَمَا كَسَا طَلْحَةُ امْرَأَتَهُ! قال: او ما يَكْفِيكِ أَنْ يُقَالَ: أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَامْرَأَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ! فَقَالَ:
كُلْ، فَلَوْ كَانَتْ رَاضِيَةً لأَطْعَمَتْكَ أَطْيَبَ مِنْ هَذَا قَالَ: فَأَكَلْتُ قَلِيلا- وَطَعَامِي الَّذِي مَعِي أَطْيَبُ مِنْهُ- وَأَكَلَ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ أَكْلا مِنْهُ مَا يَتَلَبَّسُ طَعَامُهُ بِيَدِهِ وَلا فَمِهِ، ثُمَّ قَالَ: اسْقُونَا، فَجَاءُوا بِعُسٍّ مِنْ سُلْتٍ فَقَالَ: أَعْطِ الرَّجُلَ، قَالَ: فَشَرِبْتُ قَلِيلا، سُوَيْقِي الَّذِي مَعِي أَطْيَبُ مِنْهُ، ثُمَّ أَخَذَهُ فَشَرِبَهُ حَتَّى قَرَعَ الْقَدَحُ جَبْهَتَهُ، وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا فَأَشْبَعَنَا، وَسَقَانَا فَأَرْوَانَا قَالَ: قُلْتُ: قَدْ أَكَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَشَبِعَ، وشرب فروى، حَاجَتِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! قَالَ: وَمَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَنَا رَسُولُ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: مَرْحَبًا بِسَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ وَرَسُولِهِ، حَدِّثْنِي عَنِ الْمُهَاجِرِينَ كَيْفَ هُمْ؟ قَالَ: قُلْتُ: هُمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا تُحِبُّ مِنَ السَّلامَةِ وَالظَّفَرِ عَلَى عَدُوِّهِمْ قَالَ: كَيْفَ أَسْعَارُهُمْ؟ قَالَ: قُلْتُ:
أَرْخَصُ أَسْعَارٍ قَالَ: كَيْفَ اللَّحْمُ فِيهِمْ فَإِنَّهَا شَجَرَةُ الْعَرَبِ وَلا تَصْلُحُ الْعَرَبُ إِلا بِشَجَرَتِهَا؟ قَالَ: قُلْتُ: الْبَقَرَةُ فِيهِمْ بِكَذَا، وَالشَّاةُ فِيهِمْ بِكَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، سِرْنَا حَتَّى لقينا عدونا من المشركين فدعوناهم إلى ما أَمَرْتَنَا بِهِ مِنَ الإِسْلامِ فَأَبَوْا، فَدَعَوْنَاهُمْ إِلَى الْخَرَاجِ فَأَبَوْا، فَقَاتَلْنَاهُمْ فَنَصَرَنَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَقَتَلْنَا المقاتلة، وسبينا الذرية، وجمعنا الرثة، فرأى سلمة فِي الرِّثَّةِ حِلْيَةً، فَقَالَ لِلنَّاسِ: إِنَّ هَذَا لا يبلغ فيكم شيئا، فتطيب أنفسكم أن أَبْعَثَ بِهِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ فَاسْتَخْرَجْتُ سَفَطِي، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى تِلْكَ الْفُصُوصِ مِنْ بَيْنِ أَحْمَرَ وَأَصْفَرَ وَأَخْضَرَ، وَثَبَ ثُمَّ جَعَلَ يَدَهُ فِي خَاصِرَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: لا أَشْبَعَ اللَّهُ إِذًا بَطْنَ عُمَرُ! قَالَ: فَظَنَّ النِّسَاءُ أَنِّي أُرِيدُ أَنْ أَغْتَالَهُ، فَجِئْنَ إِلَى السِّتْرِ، فَقَالَ: كُفَّ مَا جِئْتَ بِهِ، يَا يَرْفَأُ، جَأْ عُنُقَهُ قَالَ: فَأَنَا
الصفحة 188